Page 99 - محاضرات في الافلام التسجيلية والوثائقية
P. 99
الأفلام التسجيلية والوثائقية
اربعا :مضامين الأفلام الوثائقية
يعتبر الناقد الألماني "رودولف ارنهايم" صاحب كتاب "صورة العالم وصورة الفيلم" واحدا من أهم
منظري فن السينما ،الذين انطلقوا في بحثهم في قضاياها من افت ارضات مجردة وليس من أمثلة
ملموسة على قاعدة شغفه بالعلوم الطبيعية ،وهو شغف قاده إلى نفس التأكيدات التي توصل
إليها "بودوفكين وبالاش" ،وملخصها أن الطابع الخاص للسينما يكمن في الفارق القائم بين
الأحداث الحقيقية (الواقعية وإعادة انتاجها ،ولذلك اعتبر أن مقولات الأفلام هي :كل ما يمكن
للصورة أن تقوله ،وأن السينما وسيط للتأليف بالصور ،بقصد استخلاص أقصى معنى ممكن
منها ،وكأن الفيلم تلك الموضوعية التي يتسم بها تحرير واقعة ،مقولات مضللة وفيها الكثير من
تجاهل الواقع ،وذلك لأنه على حد تعبيره" :يمكن تنظيم الواقع من دون إعادة تأليفه ،فمجرد تحديد
وضع شخص ما أو شيء ما ،وإيلائه الامتياز ،وتشكيل المضمون في بنية على قياس الصورة،
من شأنه أن يتيح إب ارز قيمة الأشياء بإسناد معنى مؤقت لها ،والنظر إلى العالم من ازوية معينة
من دون أن يؤدي ذلك إلى تعديل شكل العالم ،أي عالم ،لأن الأفلام قابلة لأن تختزل كل
العالم".
والحقيقة أن كلام "ارنهايم" وقبله كثر ،وبعده أيضا كثر ،أمر يشير إلى قابلية الأفلام لاحتواء
كل مجريات الحياة الإنسانية ،وقابليتها لمعالجة مختلف أنواع المضامين ،خاصة أن الد ارما
الوثائقية عبر اعتمادها على أسلوبية تضمن هالة من الصدق في الفيلم ،لطالما سعت لمشاركة
الجمهور تجربة حقيقية ،وإلى التثقيف أكثر من التسلية ،مما يتيح لها هامشا واسعا جدا لمعالجة
مختلف أنواع الموضوعات الإنسانية ،الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والتعليمية
والجنائية والدعائية والإيديولوجية والتاريخية ...الخ ،وتاريخ السينما الوثائقية منذ الأفلام الأولى
للأخوين "لوميير" عام ،1896وحتى عصرنا هذا ،حيث أصغر الأخبار يمكن أن تتحول إلى
أفلام وب ارمج تسجيلية ،دليل على ذلك.
أ .الخصائص العامة لمضامين الأفلام الوثائقية :
رغم اتساع قماشة الموضوعات التي تعالجها الأفلام الوثائقية ،اتساع الحياة نفسها ،إلا أن ذلك
لا ينفي أن هناك خصائص عامة تميز موضوعات ومضامين الأفلام الوثائقية ،وهي:
88