Page 103 - محاضرات في الافلام التسجيلية والوثائقية
P. 103
الأفلام التسجيلية والوثائقية
وهكذا تحول اخت ارع الصور المتحركة الجديد ،الذي بدأ كابتكار علمي ،يظهر في نهاية القرن
التاسع عشر ليتحول تدريجيا ،في مطلع القرن الجديد من صور متحركة تسجل للجمهور المبهور
مناظر عادية مثل الأمواج التي تتكسر على الشاطئ والقطا ارت التي تقطع شوارع الطبيعة والمدن
ومركبات المطافئ وهي تندفع مسرعة في الشوارع والاستع ارضات العسكرية المنظمة ،إلى فن
جديد ،بات الفن المميز للقرن العشرين.
-2موضوعات ومضامين الأفلام الوثائقية -مرحلة ما بعد البدايات:
كما أشرت سابقا ،كان مخرجو الفيلم الواقعي أو الوثائقي ،ينطلقون ،بهذا القدر أو ذاك ،في
تسجيل مشاهد أفلامهم بصورة أمينة ونزيهة ،من ما هو موجود أصلا في الحياة مباشرة،
ويجهدون في أن تكون أفلامهم كما لو إنها مادة خام حقيقية للعالم المادي والأشياء والأماكن
والناس الحقيقين ،بحيث تبدو أمام من يشاهدها ،بأنها موجودة أو يمكن أن تكون موجودة في
الواقع ،وهكذا نشأت ضمن طبيعة الصورة الفوتوغ ارفية المتحركة ،المحاولات الأولى لاستخدام
الفيلم لأغ ارض معرفية وحتى علمية ،أي لأغ ارض تساعد على نشر المعارف العلمية والتعليمية
أولا :في صالات السينما وبعدئذ في أماكن الد ارسة والتعليم ،وقد اندرجت مثل هذه الأفلام ذات
المضامين التعليمية الثقافية والعلمية كلها أولا تحت معطف ما ُسم ّي بداية الفيلم الثقافي،
وثانيا :تحت معطف ما ُسم ّي بالفيلم الوثائقي وهو الجنس الفني الذي تنضوي تحته كل الأنواع
الواقعية ،وعلى هذا الأساس سارت ،منذ البداية نزعة توظيف الوسيط الفيلمي ،بإمكاناته
المختلفة ،في تسجيل مواضيع علمية وبحثية ونشرها لأغ ارض د ارسية وتعليمية ،كما سعت جهات
إنتاجها لعرض هذه الأفلام في ب ارمج الصالات السينمائية قبل عرض الفيلم الروائي الطويل ،كما
سعت لنشرها في المدارس والجمعيات العلمية والطبية ،ومن ثم بدأ في مرحلة تالية ظهور أنواع
مختلفة من الأفلام الوثائقية ،عالجت مختلف الموضوعات الحياتية ،كالأفلام الوثائقية الشعرية،
التي كان الظهور الأول لها في عام ،1920حيث كانت الموسيقى المفتاح الرئيسي في هذا
النوع من الأفلام ،وعبرها إضافة لحركة الكامي ار وزوايا التصوير كان يتم استع ارض حياة الناس
في مواقع عملهم المختلفة ،وفي الشوارع والساحات والقرى ،وكل مكان كان يمكن أن تصل إليه
الكامي ار.
92