Page 106 - محاضرات في الافلام التسجيلية والوثائقية
P. 106
الأفلام التسجيلية والوثائقية
الأشياء ،في الأحداث الاجتماعية ،والأفعال الفردية والجماعية ،بشكل يجعل الممارسة الفلمية
الدالة في علاقة تماهي وانسجام مع منطق الواقع المقصود بالدلالة.
-4موضوعات ومضامين الأفلام الوثائقية ستينيات القرن العشرين:
يمكن القول أن ستينيات القرن العشرين ،كانت مرحلة مخاض فكري كبرى على مستوى العالم
بأسره ،أعيد فيها التفكير بكل الآثار المدمرة للحرب العالمية الثانية ،ومبادئ والبنى الفوقية
النخبوية لعصر الحداثة ،وهو مخاض كانت الأفلام الوثائقية في عمقه ،وأداته ،وأهم وسائله في
التعبير عن المشاكل السياسية والاجتماعية التي يتعين على العالم مجابهتها ،والتعامل معها ،في
عصر كان في طريقه لدخول مرحلة توحش ال أرسمالية.
وقد تسيد التقابل بين الواقعية الغنائية للسينما الوثائقية السوفيتية ،التي تمجد أيام النضال
والصمود في الحرب العالمية الثانية ،والتقريرية شبه الصحفية في رصد الواقع للسينما الوثائقية
الانكليزية ،والدعائية المباشرة للوثائقية العربية ،والسرد الفيلمي التوثيقي المتجه أكثر فأكثر نحو
الذاتية في الأفلام الوثائقية الأمريكية ،والواقعية الجديدة في السينما الأوربية ،بدايات هذه المرحلة
المخاض ،الذي أعطى إشارة بدئها فيلم (ذلك الهادئ) عام ،1950للمخرج "سيدني ميير" عن
إعادة التأهيل الاجتماعي لشاب أسود غير متآلف اجتماعيا ،وفيلم (باوري) عام ،1956للمخرج
"ليونيل روغو ازن" عن محلة في مدينة نيويورك اشتهرت بفنادقها الرخيصة وحاناتها وبالذين تخلى
أهلهم عنهم ولا مأوى لهم ،ومن ثم تكرس نهجا في بداية الستينيات مع فيلم "الدورة الانتخابية
الأولى" للمخرج رتشارد ليكوك عن الرئيس الأمريكي "جون كينيدي" وحملته الانتخابية.
وقد شكلت أفلام "ليكوك" والمخرج "د .أ .بينبيكر" ،إضافة لأفلام الأخوين "ألبير ودافيد ميزليز"
العديدة في بداية ستينيات القرن الماضي ،مثل (مدينة الخمسة في أمريكا ،أو عيد أم
سعيد ،1963ومد ارء ،1968دافيد ،1961وجين ، 1962،كرة القدم ،1961رجل العروض
،)1961ذاك الت اربط بين التعبير الشخصي (الأسلوب الذاتي وترجمة الواقع ،وعلى التركيز على
الحدث المصور عبر إرساء مطلبية أخلاقية ،بغرض فضح تضليل الإيديولوجيات الرسمية التي
تتجاهل المشاكل السياسية -الاجتماعية ،بالاستناد إلى نوع من الذاتية في رؤية ونقل الوقائع
95