Page 104 - محاضرات في الافلام التسجيلية والوثائقية
P. 104
الأفلام التسجيلية والوثائقية
كما ظهرت أفلام المغام ارت مثل المغام ارت الشخصية الفيرنر هيرتزوج ،حيث ذهب مع مصور
إلى جزيرة صغيرة كان سكانها يرحلون عنها بسبب فو ارن بركان فيها ،فأ ارد أن يكون شاهدا على
ما يجري ،أما فيلم (الشمس) لكريس "ماركر" فكان عبارة عن مقالة في أدب الرحلات ،استخدم
فيها ماركر صوت المعلق الذي يمثل الضمير ،ليوائم بين الثقافة اليابانية والثقافة الأفريقية ،وفي
الوقت الذي اتجهت فيه أفضل الأفلام الدانماركية والألمانية إلى التخييل ،عبرت السينما الروسية
منذ عام 1912عن شعور فاجع إ ازء الحياة ،وعن خوف كان التعبير الطبيعي عن مجتمع أخذ
بالتفسخ ،وهو شعور دفع المخرج "ماياكوفسكي" للقول" :السينما" بالنسبة لي ليست مشهدا
للعرض ،بل فلسفة للكون" ،ولذلك فقد عكست أفلام هذه المرحلة خاصة في عامي -1918
،1919أيديولوجيا محددة تشي بالغليان الذي كان يعيشه المجتمع الروسي ،وتم تسخير التعبير
الفيلمي في صناعة أفلام دعائية قصيرة أشبه بالمناشير المرئية لتعبئة الجماهير لصالح الحكم
الجديد والثقافة البرولتارية ،والتهكم والانقلاب على المرحلة القيصرية البائدة بكل موروثها الثقافي.
-3موضوعات ومضامين الأفلام الوثائقية من العشرينيات حتى نهاية الخمسينيات:
شكلت أفلام "فلاهيرتي" و "جريرسون" (مثل نانوك رجل الشمال وموانا ،وصيادي السمك) أهم
أفلام هذه المرحلة وعنوانها العريض ،بسبب ما انطوت عليه من رغبة جادة صادقة في الاحتفاء
بالإنسان في علاقته مع الطبيعة ،وسعيه في سبيل البقاء على قيد الحياة ،ابتغاء تحقيق وإكمال
حياة الجماعة أو من أجل ک ارمتها ،أينما كان ومهما كانت ظروفه ،وبدون أي تزويق ،وهي
مرحلة كان يرى مخرجوها أنفسهم فنانين يعالجون شكلا فنيا ،وليس رواة يستخدمون الفيلم وسيطا
-وهم يبتكرون ،ويعيدون الابتكار ،ويتحدون الواقع السينمائي القائم ،ومن الأمثلة واسعة الشهرة
لمثل هذه التيا ارت الفنية المضادة للسائد والنمطي وقتذاك ،اتجاه سيمفونيات المدن ؛ ففي
العشرينيات والثلاثينيات ،حين كانت دور السينما تعرض المغام ارت الطبيعية ،والأخبار
السينمائية التي تتناول الحروب ،والغ ارئب ،كان هؤلاء الفنانون الذين ينتجون أعمالا للمعارض
93