Page 96 - محاضرات في الافلام التسجيلية والوثائقية
P. 96

‫الأفلام التسجيلية والوثائقية‬

‫هو‪ ،‬بل البلوغ إلى دلالاته العميقة‪ ،‬ولجعل منطق المدلول موافقا منطق الدال‪ ،‬أي ما تدل الإشارة‬
‫عليه في الواقع المادي‪ ،‬وما تحيل إليه‪ ،‬وهذا ما يقضي بأن يكون الخطاب الفيلمي عن العالم‪ ،‬أو‬
‫مع العالم‪ ،‬وليس انطلاقا منه‪ ،‬بحيث ينتهي الأمر بنسيانه‪ ،‬مما حثهم (المخرجون) على تطوير‬
‫وجلاء قوالب (تركيبات) للسرد الوثائقي باعتماد الحقيقة‪ ،‬ساهمت في استحداث الأفلام الإخبارية‪،‬‬

                             ‫وتطوير المدارس الوثائقية‪ ،‬وقد تجسد ذلك في أربعة قوالب‪ ،‬هي‪:‬‬
                                                        ‫أ‪ .‬القالب السردي (الوصفي)‪:‬‬

‫ويقتصر هدفه الأوحد على ضمان استم اررية الحدث‪ ،‬مهما كانت الأفكار والأحداث المعبر عنها‬
‫في القصة أو توحي بها القصة‪ ،‬وهو الأسلوب الأوسع استخداما في الأفلام الوثائقية التي تروي‬
‫قصة‪ ،‬ابتدعه الأمريكيون باعتباره على حد تعبيرهم‪ ،‬شكلا يهدف إلى تقديم إفادة عن خبر‪،‬‬
‫والأشياء فيه لا مثول لها في مكانها فيه ‪،‬إلا‪ ،‬فعلا‪ ،‬بقصد المساهمة في تقدم الحدث‪ ،‬وهي لا‬
‫تنقلب إلى رموز إلا في سبيل تيسير الفهم‪ ،‬ويتمثل معناها في حركية السرد الذي يعززها حدث‬
‫إيقاعي (فاعل) يسمح ويتيح اندماج إيقاع القصة مع إيقاع الحدث‪ ،‬بحيث كل إحساس فيه يفي‬

                                          ‫بالغرض ويكفي ليقدم شهادة إثبات حضور الشيء‪.‬‬
                                                                       ‫ب‪ .‬القالب الغنائي‪:‬‬

‫وهو قالب إضافة لتأمينه الاستم اررية السردية أو الوصفية للأحداث‪ ،‬فهو يستخدم هذه الاستم اررية‬
‫للتعبير عن أفكار ومشاعر ترقى بالحدث إلى مرتبة المتعالي على الحدث‪ .‬إلا أن التركيب‬
‫الغنائي‪ ،‬ولئن ساهم في تركيب القصة‪ ،‬فالشكل فيه تحليليا‪ ،‬بأكثر منه وصفيا‪ ،‬وهو يسعى‬
‫للإعلام بخبر‪ ،‬ولكن مقصده الرئيس‪ ،‬هو تهييج المشاعر والأحاسيس عبر تجزئة المواقف الأكثر‬
‫دلالة إلى سلسلة من المواقف والأحداث‪ ،‬بحيث تقدم تلك المواقف من الزوايا‪ ،‬بالشكل الذي‬
‫يسمح ببناء طريقة نوعية في إد ارك الأشياء‪ ،‬وتشكل ملامحها‪ ،‬لإب ارز قيمة الدوال على الأشياء‬

                                           ‫‪85‬‬
   91   92   93   94   95   96   97   98   99   100   101