Page 97 - محاضرات في الافلام التسجيلية والوثائقية
P. 97
الأفلام التسجيلية والوثائقية
التي تشير إليها ،بما يسمح ليس فقط بتثبيت الحدث ،ولكن أيضا في أن يكون له شكلا خاصا
في تمثيل الحدث ،يسمح بالانتقال من العام إلى الخاص عبر التعمق بالتفاصيل ،على غ ارر
قصيدة ملحمية ،ولكن هذه الأسلوبية أو القوالبية لا تقبل التطبيق سوى في عدد محدود جدا من
الأفلام ،لأن القصيدة أقل توات ار من الحكاية ،وهو القالب الذي ميز أفلام "بودوفكين".
ج .القالب التبشيري أو القالب البناء:
وهو القالب الوحيد الذي يتيح أن يبنى الفيلم كاملا على منضدة التركيب ،أي بشكل لاحق ،وهو
غير قابل للتطبيق إلا في قوالب الأفلام الإخبارية ،التي تعتمد على الإمساك بالواقع في اللحظة
الحية ،على أساس أن الفن الوثائقي إنما يتمثل في ترتيب وثائق مختارة وضم بعضها إلى بعض
بحيث تنبثق فكرة جديدة من وقائع موضوعية ومستقلة منقولة إلى جانب بعضها البعض طبقا
لضرو ارت صياغة خطاب ما ،وهو ينطلق على عكس القوالب الأخرى من كمية المواد الأولية
المتاحة عن فكرة ما تخضع لاختيار ما يخدم النية أو الهدف ،للتعبير عن الأفكار المتصلة
بالبنية المأمولة ،وليس من فكرة ما ،ثم إق ارر المواد الضرورية للتعبير عنها ،باعتبار أنه إذا كان
من السهل أن تتوارد الكلمات إلى الذهن ،فالصور لا تظهر لمجرد أننا نتلمس ظهورها ،ولذلك
فهامش الإبداع في هذا النوع من الأفلام ضيق إلى حد كبير ،وهو قالب اعتمد عليه بشكل كبير
المخرج الروسي دزيغا" فيرتوف" في معظم أفلامه.
د .القالب الثقافي:
وهو القالب الذي يهتم ببناء القصة أكثر من اهتمامه باستم ارريتها ،كما يعنى بتحديد الأفكار أكثر
من عنايته بالتعبير عنها ،وذلك بدلالة القصة المروية ،وهو أيضا قالب يقترب بالشبه من القالب
التبشيري من حيث التعبير عبر إصدار إشا ارت دالة عن طريق التعارض /التركيب جنبا إلى
جنب بأكثر مما بواسطة استم اررية قائمة على الجمع والإضافة لا أكثر ،ويختلف عن التبشيري
86