Page 25 - ملف الإنجاز مقرر المنهج وتنمية التفكير_Neat.
P. 25

‫التفكير في القرآن الكريم‬

‫تكررتكلمة (فكر) في القرآن ثماني عشرة مرة وجاءت بصيغة الفعل الماضي مرة واحدة في قوله تعالى‪:‬‬
‫{إَِنّهُ فَ َّكَر َوقََّدَر (‪ )18‬فَُقتِ َل َكيْ َف قََّدَر (‪( })19‬سورة المدثر ‪ .)19-18،‬أما بقية المواضع فجاءت‬
‫بصيغة الفعل المضارع‪ :‬تتفكرون‪ ،‬يتفكرون‪ ،‬والقرآن ذکر التفكر الذي هو اسم التفكير كما مر في المعنى‬

                                                                         ‫اللغوي‪.‬‬

                                                         ‫هل هناك فرق بين الدواب والإنسان في التفكر والتدبر؟‬

‫عندما نقول إن القرآن الكريم بين‬                          ‫هناك فرق عظيم بي الدواب وبي الإنسان في التفكير قال‬
‫أهم أدوات تطوير قدرات الإنسان‬                            ‫تعالى‪{ :‬إِ َّن َشَّر ال َّدَوا ِب ِعْن َد اََّّللِ ال ُّص ُّم الْبُ ْك ُم اَلّ ِذي َن َلا يَ ْعِقلُو َن}‬
‫على التفكير‪ ،‬فإن ذلك يمتد لكي‬
                                                                                         ‫(سورة الأنفال‪.)22 ،‬‬

‫يشمل مسألة فهم الإنسان لذاته‪،‬‬                            ‫ومن عطل عقله وفكره تشبه بهم‪ ،‬من صار شهوانياً بهيمياً‪ ،‬لا‬
‫ولحقيقة دوره في هذه الحياة‪ ،‬وما عليه‬                     ‫هم له إلا اللذة‪ ،‬لا يفكر ولا يتأمل‪ ،‬لا يعقل ولا يتدبر‪ ،‬هذا يشبه‬
‫من واجبات فيها‪ ،‬من العبادة وإعمار‬                        ‫الدابة‪ ،‬لكن الدابة عندها إحساس بالموتكما قال العلماء‪ ،‬الدابة‬
                                                         ‫تحس بأنها ستموت‪ ،‬تفهم أنها ستموت‪ ،‬فالتفكير مبدأ كل عمل‬
                       ‫الأرض‪.‬‬
                                                         ‫نظري وعمل اختياري؛ لأنها تؤدي للتصورات‪ ،‬والتصورات تدعو‬

‫للإرادات‪ ،‬والإرادات تؤدي إلى وقوع الفعل‪ ،‬هذا هو الخط الذي سلكه علماء المسلمي في التدرج وفي‬

                                                                                                         ‫طريقة الوصول للنتيجة في الخير أو في الشر‪.‬‬

                                                                                                                                            ‫دعوة الكتاب للتفكير‬

‫جاءت الدعوة إلى التفكر في القرآن الكريم‪ ،‬صريحة ومقصودة فيكثير من آياته ومنها قوله تعالى‪{:‬قُ ْل‬
‫َلّ ُكم‬  ‫نَ ِذيٌر‬  ‫إَِّلا‬  ‫ُهَو‬  ‫إِ ْن‬  ‫ۚ‬  ‫ِجَنٍّة‬  ‫ِمن‬  ‫بِ َصا ِحبِ ُكم‬  ‫َما‬  ‫ۚ‬  ‫تَتََف َّكُرواْ‬  ‫َُثّ‬  ‫ََِّّللِ َمثْنََٰى َوفََُٰرَد َٰى‬  ‫أَيَعَِدظُْىُكمَع َذبِاََٰو ٍٍِۢحبَدةٍَشِۖدأيَ ٍٍۢدن ت}َ(ُقوسُمووارْة‬  ‫إنما‬
                                                                                                         ‫سبأ ‪.) 46 ،‬‬                                                                                               ‫بَْ َي‬

‫قُ ْل } يا أيها الرسول‪ ،‬لهؤلاء المكذبي المعاندين‪ ،‬المتصدين لرد الحق وتكذيبه‪ ،‬والقدح بمن جاء به {‪:‬‬
‫إَِنّمَا أَ ِعظُ ُك ْم بَِوا ِح َدةٍ } أي‪ :‬بصلة واحدة‪ ،‬أشير عليكم بها‪ ،‬وأنصح لكم في سلوكها‪ ،‬وهي طريق نصف‪،‬‬
‫لست أدعوكم بها إلى اتباع قولي‪ ،‬ولا إلى ترك قولكم‪ ،‬من دون موجب لذلك‪ ،‬وهي {‪ :‬أَ ْن تَُقوُموا ََِّّلِل َمثْنَى‬
‫َوفَُراَدى } أي‪ :‬تنهضوا بهمة‪ ،‬ونشاط‪ ،‬وقصد لاتباع الصواب‪ ،‬وإخلاص َّلل‪ ،‬مجتمعي‪ ،‬ومتباحثي في‬
                                                                               ‫ذلك‪ ،‬ومتناظرين‪ ،‬وفرادى‪ ،‬كل واحد يخاطب نفسه بذلك‪.‬‬

‫فإذا قمتم َّلل‪ ،‬مثنى وفرادى‪ ،‬استعملتم فكركم‪ ،‬وأجلتموه‪ ،‬وتدبرتم أحوال رسولكم‪ ،‬هل هو مجنون‪ ،‬فيه‬

‫صفات المجاني من كلامه‪ ،‬وهيئته‪ ،‬وصفته؟ أم هو نب صادق‪ ،‬منذر لكم ما يضركم‪ ،‬مما أمامكم من‬

                                                                                                                                            ‫العذاب الشديد؟‬

‫‪5‬‬
   20   21   22   23   24   25   26   27   28   29   30