Page 26 - ملف الإنجاز مقرر المنهج وتنمية التفكير_Neat.
P. 26

‫فلو قبلوا هذه الموعظة‪ ،‬واستعملوها‪ ،‬لتبي لهم أكثر من غيرهم‪ ،‬أن رسول اَّلل صلى اَّلل عليه وسلم‪،‬‬

‫ليس بمجنون‪ ،‬لأن هيئاته ليست كهيئات المجاني‪ ،‬بل هيئته أحسن الهيئات‪ ،‬وحركاته أجل الحركات‪ ،‬وهو‬

                                                                                                        ‫أكمل الخلق‪ ،‬أدبا‪ ،‬وسكينة‪ ،‬وتواضعا‪ ،‬ووقارا‪.‬‬

‫فكل من تدبر أحواله ومقصده‪ ،‬سواء تفكر وحده‪ ،‬أو مع غيره‪ ،‬جزم بأنه رسول اَّلل حقا‪ ،‬ونبيه صدقا‪،‬‬

                                         ‫خصوصا المخاطبي‪ ،‬الذي هو صاحبهم يعرفون أول أمره وآخره‪( .‬السعدي ‪)2000،‬‬

‫وتتعدد أساليب القرآن الكريم في الدعوة إلى التفكر‪ ،‬فتكون الدعوة أحيانا من خلال التذكير بنعم‬
‫لِءَاَقٰيََْتِو ٍٍِۢمه‬  ‫تعالى‪َ{:‬وِم ْن‬
                        ‫َٰذَلِ َك لآيات‬  ‫قال‬     ‫صفات الرحمة الودودة‪.‬‬                       ‫خلال الجو الحاني ومن‬                    ‫فيكون التفكر والعبرة من‬                         ‫وآلائه‬   ‫الله‬
                                         ‫ِف‬      ‫بَْينَ ُكم َّمَوَّدةً َوَرحْمَةً ۚ إِ َّن‬  ‫لِتَ ْس ُكنُٓواْ إِلَيْ َها َو َجَع َل‬  ‫لَ ُكم ِم ْن أَنُف ِس ُك ْم أَْزََٰو ًجا‬        ‫َخلَ َق‬  ‫أَ ْن‬

                                                                                                                                           ‫يَتََف َّكُرو َن}(سورة الروم ‪.)21،‬‬
‫وفي أحيان أخرى يأت الحض على التفكر في معرض بيان الغاية التي من أجلها يضرب الله للناس‬

‫الأمثال ويقص القصص ويلفت النظر إلى آيات الله المبثوثة في الآفاق وفي أنفسهم‪ ،‬قال تعالى ‪{:‬لَْو أَنَزلْنَا‬
‫ََٰه َذا الُْقْرآ َن عَلَ َٰى َجبٍَل َلَّرأَيْتَهُ َخا ِشًعا ُّمتَ َص ِدعًا ِم ْن َخ ْشيَِة اََّّللِ ۚ َوتِْل َك اْلأَْمثَا ُل نَ ْضِربُهَا لِلَنّا ِس لََعَلُّه ْم‬

                                                     ‫يَتََف َّكُرو َن}(سورة الحشر‪. ) 21 ،‬‬
‫وقال تعالى‪{ :‬فَاقْ ُص ِص الَْق َص َص لَعََلُّه ْم يَتََف َّكُرو َن} (سورة الأعراف ‪ .)176،‬وتارة أخرى يكون‬
‫الأسلوب القرآني في الدعوة إلى التفكير" عنيفا (شديدا) مقرونا في بعض الأحيان بالتهديد والوعيد‪ ،‬وهذه‬

                                    ‫هي الآيات الموجهة لذوي القلوب القاسية الكافرة التي تحتاج لمثل هذا الأسلوب الصارم"‪.‬‬

‫ايلََنّتَاَف َِّسكُربِوالَِقِافِيء‬  ‫مثل قوله تعالى‪{ :‬أََوََلْ‬              ‫الاستنكاري من‬                ‫الاستفهام‬            ‫بأسلوب‬        ‫إلى التفكر‬        ‫تأت الدعوة‬             ‫وايضاً‬
                                    ‫ُّم َس ًّمى ۗ َوإِ َّن َكثِيًرا ِم َن‬  ‫إَِّلا بِالْحَِق َوأَ َج ٍل‬  ‫َوَما بَْينَ ُه َما‬  ‫َواْلأَْر َض‬  ‫ال َّس َماَوا ِت‬  ‫َّما َخلَ َق اََّّللُ‬  ‫أَنُف ِس ِهم ۗ‬
‫َربِهِْم لَ َكافُِرو َن} (سورة الروم ‪ )8،‬وقوله تعالى ‪{ :‬أََوََلْ يَتََف َّكُروا َما بِ َصا ِحبِِهم ِمن ِجَنٍّة إِ ْن ُهَو إَِّلا نَ ِذيٌر‬
                                                                                                                                    ‫ُّمبِ ٌي }(سورة الأعراف ‪. )184،‬‬
‫والقرآن الكريم يهدف إلى أن يصل الإنسان من خلال تفكره إلى أحكام صائبة مبنية على استدلال‬

‫صحيح‪ ،‬ومن هنا فهو يعيب على المشركي الذين َل ينقذهم تفكيرهم إلى الصواب‪ ،‬يقول تعالى في حق‬
                        ‫قُتِ َل‬                  ‫َوقََّدَر (‪ )18‬فَُقتِ َل َكْي َف قََّدَر‬
‫َكيْ َف‬                 ‫إَِّلا‬   ‫(‪َُ )19‬ثّ‬       ‫َُثّ أَْدبََر َوا ْستَ ْكبََر (‪ )23‬فََقا َل‬            ‫بن المغيرة {إَِنّهُ فَ َّكَر‬       ‫زعماء المشركي الوليد‬                     ‫أحد‬
‫ِس ْحٌر‬                          ‫إِ ْن ََٰه َذا‬                                                         ‫َعبَ َس َوبَ َسَر (‪)22‬‬             ‫(‪َُ )20‬ثّ نَظََر (‪َُ )21‬ثّ‬               ‫قَ َّد َر‬
‫يُْؤثَُر (‪ )24‬إِ ْن ََٰه َذا إَِّلا قَْوُل الْبَ َشِر (‪( })25‬سورة المدثر)‪ .‬وقد روي في سبب نزول هذه الآيات‪ " :‬أن‬
‫الوليد بن المغيرة قال لبني مخزوم‪ :‬والله لقد سمعت من محمد آنفاكلاما ما هو منكلام الإنس ولا منكلام‬

‫‪6‬‬
   21   22   23   24   25   26   27   28   29   30   31