Page 69 - ثقافة قانونية العدد السادس- للنشر الالكتروني
P. 69

‫نقدم فى هذا الباب من مجلة « ثقافة قانونية لأحد أهم إصدارات المكتبة‬
                     ‫القانونية مؤخ ًرا وهو كتاب « المواجهة القانونية لظاهرة الفساد « للمستشار‬
                     ‫الدكتور عبد المجيد محمود – النائب العام الأسبق ‪ ،‬الصادر فى موسوعة الثقافة‬

                                                      ‫القانونية عن الهيئة المصرية العامة للكتاب ‪.‬‬
                     ‫ولم نجد ما نقدم به الكتاب من تلك المقدمة الشاملة التى كتبها المؤلف موض ًحا‬

                                                             ‫بها الجوانب المختلفة لموضوع الكتاب ‪.‬‬

‫ثــقافة قــــانونية‬      ‫الحتمنامييةةالاملمرأسةتدمانماةل‪،‬عبناعفتبواالرتأمنييزح‪،‬متايعتةبارلنمسكاوء ًناورتئحيقيس ًّيقاالأضممننوإالستسرلااتمي لجهيةن‬  ‫أن هذا الإعفاء أو تلك الإباحة تستهدف تحقيق حماية للمرأة جنائ ًّيا‪،‬‬
                         ‫هو السبيل الرئيسى لتوفير القدرة لهن للمشاركة فى التنمية والتمتع‬                                                           ‫بينما تستهدف الحماية الجنائية الإجرائية تقرير ميزة تأخذ شكل‬
                         ‫بثمارها‪ ،‬وإعما ًل للمادة (‪ )11‬من دستور ‪ 2014‬تلتزم الدولة بحماية‬                                                           ‫استثناء على انطباق كل أو بعض القواعد الإجرائية العامة فى حالات‬
                                                                                                                                                   ‫خاصة بتقرير تلك الميزة‪ ،‬وذلك إما باستبدال قاعدة إجرائية بأخرى‪،‬‬
                                                             ‫المرأة ضد كل أشكال العنف‪.‬‬                                                             ‫أو بتعليق انطباق القاعدة الإجرائية على قيد أو شرط‪ ،‬وإما أخي ًرا‬
                         ‫و ُتع ُّد ظاهرة العنف من الظواهر التى تعانى منها المرأة فى كل دول‬
                         ‫العالم‪ ،‬إلا أنها تختلف من مجتمع إلى آخر بحسب المفاهيم السائدة‪،‬‬                                                                                         ‫بتعديل مضمون القاعدة الإجرائية‪.‬‬
                         ‫ووعى المجتمع المحلى‪ ،‬ودرجة عدالة القيم الاجتماعية‪ ،‬وسيادة مبدأ‬                                                            ‫فنطاق الحماية الجنائية للمرأة هو فى الحقيقة يختلف من دولة‬
                                                                                                                                                   ‫إلى أخرى بحسب السياسة الجنائية المتب َّناة من كل دولة؛ أى السياسة‬
                                                                 ‫القانون وحقوق الإنسان‪.‬‬                                                            ‫الجنائية التى ينتهجها الفكر الجنائى لمواجهة العنف ضد المرأة بفروعها‬
                         ‫وتعتبر ممارسات العنف المقترف ضد المرأة‪ ،‬القائم على أساس النوع‬
                         ‫الاجتماعى‪ ،‬من أكثر الممارسات انتها ًكا لحقوق الإنسان على مستوى‬                                                                                       ‫الثلاثة (التجريم – العقاب ‪ -‬الوقاية)‪.‬‬
                         ‫العالم؛ حيث تقدر التقارير الدولية أن امرأة واحدة من كل ثلاث نساء‬                                                          ‫ويقصد بالمرأة‪ :‬ذلك الكائن الإنسانى من جنس الأنثى الذى يمتلك‬
                         ‫يعشن على سطح المعمورة سبق أن تعرضت للعنف الجنسى أو الجسدى‬                                                                 ‫صفات جسدية مختلفة عن الرجل؛ فهى الأنثى‪ ،‬والزوجة‪ ،‬والأم‪ ،‬والجدة‪،‬‬
                                                                                                                                                   ‫والأخت‪ ،‬والبنت‪ ،‬والعمة‪ ،‬والخالة‪ ،‬ويختلف تعريفها باختلاف الفروع‬
                                                                         ‫أو لكليهما م ًعا‪.‬‬
                         ‫ويخلو القانون المصرى بمختلف فروعه من تعريف جامع للعنف ضد‬                                                                                                                      ‫القانونية‪.‬‬
                         ‫المرأة؛ حيث لا يوجد فى قانون العقوبات أو فى أى من القوانين الجنائية‬                                                       ‫ولأن المرأة هى إنسان بالدرجة الأولى فهى طب ًعا تستفيد من الحماية‬
                         ‫الخاصة تعري ٌف خاص لجريمة معينة أو لفصل خاص يحمل عنوان‬                                                                    ‫الجنائية المقررة لضمان تمتعها بما يعرف بحقوق الإنسان والمواطن‪ ،‬على‬
                         ‫"العنف ضد المرأة"‪ ،‬ولكن لا يعنى ذلك نكو ًصا عن المواجهة الجنائية‬                                                          ‫أساس مبدأى الكرامة الإنسانية والمساواة‪ ،‬وهو ما يطلق عليه الحماية‬
                         ‫لتلك الظاهرة فى مصر؛ إذ تظل جل صور ممارسة العنف ضد المرأة‬                                                                 ‫الجنائية العامة‪ ،‬كما تستفيد من حماية جنائية إضافية خاصة بها دون‬
                         ‫مشمولة بنصوص قانون العقوبات تحت أوصاف ومسميات مختلفة‪،‬‬
                                                                                                                                                                                        ‫غيرها بسبب خصوصيتها‪.‬‬
                                                 ‫دون أن يرد مصطلح العنف فيها صراحة‪.‬‬                                                                ‫وتكتسب التشريعات الجنائية أهمية خاصة فى تناولها لقضايا المرأة؛‬
                         ‫والعنف الذى يعتد به فى القانون الجنائى‪ ،‬هو العنف الذى يؤدى إلى‬                                                            ‫حيث تهدف إلى حمايتها من كل أشكال العنف والتمييز‪ ،‬التى لا تشكل‬
                         ‫تحقيق نتيجة غير مشروعة مجرمة قانو ًنا ومطابقة للنموذج التشريعى‪،‬‬                                                           ‫اعتدا ًء على حقوق المرأة الإساسية فقط‪ ،‬بل أي ًضا تعوق ممارستها‬
                         ‫بشرط توافر علاقة سببية بين ذلك العنف والنتيجة غير المشروعة‬                                                                ‫لحقوقها السياسية‪ ،‬والاجتماعية‪ ،‬والاقتصادية‪ ،‬والثقافية؛ ومن ثم فإن‬
                         ‫المتحققة‪ ،‬سواء كان هذا العنف مقصو ًدا لذاته؛ أى عنف عمدى‪ ،‬أو‬
                         ‫وسيل ًة لتحقيق النتيجة؛ أى ظرف مشدد‪ ،‬أو عن ًفا ما َر َس ُه الجانى ولم‬

                                         ‫تتجه إرادته لتحقيق النتيجة؛ أى عنف غير عمدى‪.‬‬
                         ‫وتختلف عوامل العنف من مجتمع إلى آخر‪ ،‬والتى تتمثل فى‪ :‬رضوخ‬
                         ‫المرأة للعنف‪ ،‬والعوامل الثقافية‪ ،‬والعوامل التربوية‪ ،‬والعادات والتقاليد‬
                         ‫الخاطئة‪ ،‬والعوامل البيئية‪ ،‬والعوامل الاقتصادية‪ ،‬وعنف الحكومات‬

                                          ‫والسلطات‪ ،‬وعوامل اجتماعية‪ ،‬والعوامل النفسية‪.‬‬
                         ‫ويندرج تحت أشكال العنف المو َّجه ضد المرأة عدد كبير ومتنوع من‬
                         ‫الأفعال‪ ،‬التى تبدأ من فعل بسيط لتنتهى بالقضاء على حياة المرأة‪،‬‬
                         ‫ونجد أ َّن صور العنف ضد المرأة تتمثل فى‪ :‬العنف الجسدى ومحله‬

                                                            ‫جسد المرأة‪ ،‬والعنف الجنسى‪.‬‬
                         ‫كما يشمل كذلك العنف اللفظي‪ ،‬والعنف الاجتماعى‪ ،‬والعنف النفسى‪،‬‬
                         ‫والعنف السياسى‪ ،‬والعنف الاقتصادى‪ ،‬والعنف القانونى‪ ،‬والعنف‬

                                                               ‫الثقافى‪ ،‬والعنف الصحى‪.‬‬
                         ‫كما أن التكنولوجيات الجديدة قد و َّلدت أشكا ًل جديدة من العنف؛‬
                         ‫كمطاردة النساء بواسطة الإنترنت أو الهاتف النقال‪ ،‬وينتج عن ذلك‬
                         ‫أنه لا يوجد قائمة بأشكال العنف ضد المرأة يمكن اعتبارها جامعة‬
                         ‫مانعة؛ لذا يجب على الدول أن تعترف بالطبيعة المتطورة للعنف ضد‬

                                    ‫المرأة‪ ،‬وأن ترد على الأشكال الجديدة حين تتعرف عليها‪.‬‬
                         ‫وللعنف ضد المرأة انعكاسات على الأسرة والمجتمع‪ ،‬تظهر آثارها‬
                         ‫على المرأة المعنفة وأطفالها‪ ،‬فالعنف يتخذ أبعا ًدا سلبية على سلامتها‬
                         ‫النفسية‪ ،‬واستقرارها العاطفى والأسرى‪ ،‬ويؤثر على فاعليتها فى الأسرة‬
                         ‫والمجتمع‪ ،‬وعلى سلامة أطفالها وحسن رعايتها لهم وتربيتهم وتتنوع آثار‬
                         ‫ونتائج العنف إلى‪ :‬الآثار النفسية والجسدية والاجتماعية والاقتصادية ‪.‬‬
                         ‫و ُيشكِّل التمييز ضد المـرأة‪ -‬بالإضافة إلى العنف‪ ،-‬انتها ًكا لمبدأ‬
                         ‫المساواة فى الحقوق واحترام كرامة الإنسان‪ ،‬ويعد عقبة أمام مشاركة‬
                         ‫المرأة على قدم المساواة مع الرجل فى نمو ورخاء المجتمع‪ ،‬ويزيد من‬

                                ‫صعوبة التنمية الكاملة لإمكانياتها فى خدمة بلدها والبشرية‪.‬‬
                         ‫وقد ع َّرف المشرع المصرى جريمة التمييز بنص المادة (‪ )161‬مكررًا‬
                         ‫والمضافة بالقانون رقم ‪ 126‬لسنة ‪ 2011‬بتعديل بعض أحكام قانون‬

                   ‫‪69‬‬
   64   65   66   67   68   69   70   71   72   73   74