Page 70 - ثقافة قانونية العدد السادس- للنشر الالكتروني
P. 70

‫قامنكوتنبيةة‬

‫التى تتصل بالإنترنت من خلال مجالات استخدامها المختلفة‪ ،‬فالمرأة‬                                 ‫العقوبات رقم ‪ 58‬لسنة ‪ 1937‬بنصه‪" :‬يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل‬

‫لها نصيب كبير من التحرشات الجنسية وسرقة المعلومات الخاصة‬                                       ‫عن ثلاثين ألف جنيه ولا تتجاوز خمسين ألف جنيه أو بإحدى هاتين‬

                         ‫والمهنية والحصول على صورها بغرض ابتزازها‪.‬‬                             ‫العقوبتين ك ُّل من قام بعمل أو بالامتناع عن عمل يكون من شأنه إحداث‬

‫وتجدر الإشارة إلى أن قانون الإجراءات الجنائية أوجب صيانة عورة‬                                  ‫التمييز بين الأفراد أو ضد طائفة من طوائف الناس بسبب الجنس أو‬

‫الأنثى من أن تمسها أو تقتحمها وتتلصص عليها أيدى الرجال أو أعينهم‬                               ‫الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة‪ ،‬وترتب على هذا التمييز إهدار‬

‫فى أى حال من الأحوال‪ ،‬وفى أى ظرف من الظروف‪ ،‬ولو كانت الأنثى‬                                    ‫لمبدأ تكافؤ الفرص أو العدالة الاجتماعية أو تكدير للسلم العام‪ ،‬وتكون‬

‫متهمة بجريمة جنائية‪ ،‬فنصت المادة (‪ )46‬من القانون على أنه‪" :‬لا يجوز‬                             ‫العقوبة الحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر‪ ،‬والغرامة التى لا تقل عن‬

‫تفتيش أنثى إلا بواسطة أنثى"‪ ،‬ومناط هذا الحظر هو جنس المرأة‪،‬‬                                    ‫خمسين ألف جنيه ولا تتجاوز مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين‬

‫فالقاعدة تصون حرمة الأنثى طفلة كانت أو طاعنة فى السن‪ ،‬جميلة‬                                    ‫إذا ارتكبت الجريمة المشار إليها فى الفقرة الأولى من هذه المادة‪ ،‬من‬

‫كانت أو قبيحة‪ ،‬عفيفة كانت أو داعرة‪ ،‬مجنونة كانت أو عاقلة‪ ،‬بل إن‬                                ‫موظف عام أو مستخدم عمومى أو إنسان مكلف بخدمة عمومية"‪.‬‬

‫هذه الحرمة لا تسقط‪ ،‬ولو رضيت الأنثى بأن يفتشها رجل‪ ،‬فرضاها‬                                     ‫كما نصت المادة (‪ )176‬من الباب السابع عشر من قانون العقوبات‬

‫يكون مهدو ًرا لا قيمة له؛ لأن الأمر لا يتعلق بحيائها العرفى فحسب‪،‬‬                              ‫على أن‪ُ " :‬يعاقب بالحبس ك ُّل من ح َّرض بإحدى الطرق ‪ ...‬على التمييز‬
                              ‫وإنما بالنظام العام والآداب العامة‪.‬‬                              ‫ضد طائفة من طوائف الناس بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو‬

‫والبحث فى هذا الباب يؤدى إلى طرح التساؤل الآتى‪ :‬هل حمى المشرع‬                                  ‫الدين أو العقيدة إذا كان من شأن هذا التحريض تكدير السلم العام"‪.‬‬

‫المصرى المرأة من جرائم الاعتداء على العرض والحياء‪ ،‬أم إن هناك‬                                  ‫اتلمقرلأةكأثكيث ًررا‬  ‫وقد أثبتت الإحصاءات الجنائية أن نسبة إجرام المرأة‬
                                                                                                                     ‫عن إجرام الرجل‪ ،‬أما أبحاث المجنى عليه فقد أثبتت أن‬
‫قصورًا فى الحماية؟ وفى حالة وجود قصور‪ ،‬فما هى أوجه القصور‬
                                ‫لتوضيحها حتى يتم تعديلها؟( )‪.‬‬                                  ‫عرضة من الرجل لوقوعها ضحية للجريمة‪ ،‬وقد تكون ضحية للعنف‬

‫ومن ثم قسمنا هذا الباب إلى أربعة فصول‪ ،‬ندرس فى الأول جريمة‬                                                           ‫فى نطاق الحياة الزوجية‪.‬‬

‫مواقعة الأنثى بغير رضاها‪ ،‬ونستعرض فى الثانى جريمتى هتك العرض‬                                   ‫ولقد كانت المرأة بالمحصلة فى مجتمع ما قبل الإسلام ‪-‬باستثناء بعض‬

‫والفعل الفاضح‪ ،‬ونشرح فى الثالث جريمتى التعرض والتحرش‪ ،‬وفى‬                                      ‫الحالات الفردية‪ -‬تعيش حياة قهر وعسف؛ فقد حرمت معظم حقوقها‬

                                       ‫الرابع جريمة الزنا‪.‬‬                                     ‫‪-‬إن لم نقل جلها‪ ،-‬ومع بزوغ فجر الإسلام وما شهدته الإنسانية من‬

‫اما عن الباب الثانى فيتعلق بحماية المرأة من أفعال الاعتداء على‬                                 ‫احاجتسمامةعيفة‪،‬ىأاولم اعتقتقداصاتديوةا‪،‬لأففقكادركاوانلنالظإمسلساوماء‪-‬بكانحقت‪-‬نثظو ًرمةا‬  ‫نقطة تحول‬
                                                                                                                                                                                        ‫سياسية‪ ،‬أو‬
‫جسدها " العنف الجسدى"‪ ،‬و ُيع ِّبر فقهاء الفقه الإسلامى عن أ ِّى أذى‬
‫يقع على جسم الإنسان من غيره لا يودى بحياته بـ"الجناية على ما دون‬                               ‫اجتماعية‪ ،‬فقد جاء الإسلام عقيدة وشريعة فى آن واحد‪ ،‬فحصلت‬

‫النفس"‪ ،‬وهو تعبير يشمل كل الأفعال التى يمكن أن تقع على جسم‬                                     ‫المرأة فى ظل الشريعة الإسلامية على مكاسب عديدة ع َّززت مكانتها‬

‫الإنسان من غيره‪ ،‬ويتسع ليشمل الجرح والضرب والدفع والجذب‪،‬‬                                       ‫فى المجتمع الجديد‪ ،‬الذى كان له أثره وانعكاساته على المرأة فى مختلف‬

                                       ‫وغير ذلك من صور الاعتداء‪.‬‬                                                     ‫الأنظمة وفى سائر المجتمعات‪.‬‬

‫ولعل من أهم ما جاء به دستور ‪ 2014‬هو نص المادة (‪ ،)60‬التى تنص‬                                   ‫فعلى سبيل المثال‪ :‬حرم وأد البنات‪ ،‬وأعطيت نصي ًبا من الإرث‪،‬‬
                                                                                               ‫وحقوقها فى الموافقة على الزواج‪ ،‬ونهى عن عضل النساء والظهار‬
‫على أن‪" :‬لجسد الإنسان حرمة‪ ،‬والاعتداء عليه‪ ،‬أو تشويهه‪ ،‬أو التمثيل‬

                                       ‫به‪ ،‬جريمة يعاقب عليها القانون "‪.‬‬                        ‫والإيـاء‪ ،‬ونهى عن أن ُتضارَّ والدة بولدها‪ ،‬ونهى عن تشغيل الإماء‬
                                                                                               ‫بالبغاء‪ ،‬ونظر للمهر على أنه هدية وأنه حق لها‪ ،‬وحمى لليتيمة حقوقها‪،‬‬
‫والأصل أن النصوص المجرمة للاعتداءات على سلامة البدن والحياة‬

‫لا تتضمن أى تمييز بين الرجل والمرأة‪ ،‬فالحق فى الحياة يحميه القانون‬                             ‫وحفظ للمرأة عرضها‪ ،‬ومنع أخذ شيء مما أوتى للنساء‪ ،‬فرفع الإسلام‬

‫بصرف النظر ع َّما إذا كان المجنى عليه ذك ًرا أو أنثى‪ .‬والمرأة؛ نظ ًرا‬                          ‫مكانة المرأة ورفع شأنها‪ ،‬وقضى على جميع صور الإهانة التى كانت‬
‫لطبيعتها البشرية‪ ،‬تستفيد دون شك من الحماية المق َّررة لحق الإنسان‬
‫فى سلامة بدنه‪ ،‬ومع ذلك فإن المهتمين بشئون المرأة يؤكدون أ َّن المرأة‬                           ‫تتعرض لها فى جميع عصور التاريخ‪ ،‬كما ساوى بين المرأة والرجل فى‬

                                                                                                                     ‫الحقوق الإنسانية والكرامة‪.‬‬

‫يتعين أن تتل َّقى حماية جنائية خاصة نتيجة ضعفها البدنى الذى من‬                                 ‫ويعد التشريع المصرى بداية من الدستور الذى يعد المرجعية القانونية‬

‫بدن ًّيا‪،‬‬  ‫إيذائها‬  ‫على‬  ‫الغير‬  ‫ويشجع‬  ‫الدفاع عن نفسها‪،‬‬  ‫شأنه أن يعيقها عن‬                     ‫العليا فى مصر‪ ،‬تليه القوانين‪ ،‬واللوائح‪ ،‬والقرارات؛ وتأتى الاتفاقيات‬
                                            ‫منذ القدم‪.‬‬   ‫وهو ما أكده الواقع‬
                                                                                               ‫الدولية فى مرتبة متساوية مع القانون المصرى‪ ،‬وما يترتب على ذلك‬

‫ونقتصر الدراسة فى هذا الباب على الحماية التى كفلها المشرع‬                                      ‫من صدور تشريعات من شأنها أن ُت َف ِّعل هذه الحقوق وتضعها من‬

‫الجنائى للمرأة إزاء الاعتداءات التى تتعرض لها‪ ،‬سواء على حقها فى‬                                ‫التطبيق موضعها الفاعل‪ ،‬وحتى تتحول من نصوص إلى حقوق حية‬

‫الحياة أو حقها فى سلامة جسدها‪ ،‬فهل كفل المشرع للمرأة حماية‬                                                           ‫تمارسها كل امرأة بحرية‪.‬‬

‫فعالة تضمن لها التمتع بحقها فى الحياة‪ ،‬وحقها فى سلامة جسدها؟‬                                   ‫وقد قسمنا الدراسة الى بابين ‪ ،‬تناولنا فى الباب الأول حماية المرأة‬

‫ولذلك تناولنا فى هذا الباب ثلاثة فصول؛ نخصص أولها لحماية‬                                       ‫من أفعال الاعتداء على عرضها " العنف الجنسى" ‪ ،‬اذ ُيع ُّد حق حماية‬
                                                                                               ‫العرض من أهم وأول الحقوق التى اعترفت بها الشريعة الإسلامية‪،‬‬
‫المرأة من جريمة الختان‪ ،‬وثانيها لحمايتها من جريمة الإسقاط‪ ،‬وثالثها‬

                                       ‫لحمايتها من العنف‪.‬‬                                      ‫والاعتداء على عرض المرأة فى القانون الوضعى جريمة خطيرة يجب‬

      ‫َو َق ْد أوصلتنا َه ِذ ِه ال ِّد َرا َسة ِل َج ُموعة َها َّمة ِم ْن ال َّنتا ِئج منها ‪:‬‬  ‫التصدى لها بكل قوة وحزم‪ ،‬ولا يكون ذلك إلا بإضفاء حماية قوية‬                                          ‫ثــقافة قــــانونية‬
‫‪ 	-1‬كشفت الدراسة أ َّن المجتمع الدولى لم يهتم بحقوق المرأة‬
‫وحمايتها إ َّل مع أوائل القرن العشرين‪ ،‬فى حين أن الشريعة الإسلامية‬                             ‫وفعالة للحق المعتدى عليه‪ ،‬بحيث يتم التجريم المناسب لصور هذا النوع‬
‫منذ ما يزيد على أربعة عشر قر ًنا من الزمان قد كفلت للمرأة المساواة‬
‫مع الرجل فى الحقوق والواجبات‪ ،‬وراعت فى ذلك تحقيق التوازن بين‬                                   ‫من الاعتداء‪ ،‬كون هذا الاعتداء على عرض المرأة له أثر كبير على أمن‬

                                               ‫المساواة والعدل‪،‬‬                                                      ‫المجتمع واستقراره ونقائه وطهارته‪.‬‬
‫‪ -	 2‬أثبتت الدراسة أنه بالرغم أن الدستور المصرى قد نص على‬                                      ‫وقد تنوعت هذه الجرائم وأصبحت تأخذ أشكا ًل وأنما ًطا جديدة‬
‫المساواة الكاملة بين المرأة والرجل‪ ،‬ولم يتضمن أى تمييز ضد المرأة‪،‬‬                              ‫لم تكن معهودة من قبل‪ ،‬بسبب وسائل التحديث والتطوير فى العالم‬
‫فإن بعض القوانين المصرية جاءت مخالفة للدستور‪ ،‬ومتضمنة بعض‬
                                                                                               ‫وسهولة وسائل الاتصال وانتشار عالم الفضائيات وشبكات الإنترنت‪،‬‬

                                                                                               ‫مما يثير البحث عن مدى انطباق النصوص التقليدية فى قانون العقوبات‬

                                                                                               ‫والمتعلقة بجرائم العرض على مثل هذه الأفعال فيما لو ارتكبت عبر‬

                                                                                               ‫الإنترنت‪ ،‬أو من خلال أجهزة الاتصالات‪ ،‬وعلى رأسها التليفونات الذكية‬

                                                                                                                                                                                        ‫أبريل ‪702025‬‬
   65   66   67   68   69   70   71   72   73   74   75