Page 68 - ثقافة قانونية العدد السادس- للنشر الالكتروني
P. 68

‫قامنكوتنبيةة‬

                                                     ‫الحماية الجنائة للمرأة‬
                                                        ‫«دراسة مقارنة»‬

‫ُتعــ ُّد المــرأة نصــف المجتمــع ومربيــة النصــف الثانــى منــه‪ ،‬فقــد أولتهــا‬
‫المجتمعــات حمايــة جنائيــة خاصــة‪ ،‬ســواء علــى المســتوى الدولــى أو‬
‫الداخلـى‪ ،‬بمـا يكفـل حفظهـا وحمايتهـا مـن الاعتـداء أو العنـف الـذى يمكـن‬
‫أن يقــع عليهــا أو اســتغلالها‪ .‬وتعتبــر المــرأة الطــرف الأضعــف بدن ًّيــا إذا مــا‬
‫قارناهــا بغيرهــا مــن أفــراد الأســرة؛ لذلــك تقــع عليهــا الكثيــر مــن الجرائــم‪،‬‬
‫الأمــر الــذى يتط َّلــب مــن المشــرع ضــرورة التدخــل لحمايتهــا كــى لا ُتعــ ُّد‬
‫هد ًفـا سـه ًل لمـن يطمـع بالتعـرض للمـرأة بذاتهـا أو حتـى للتعـرض إلـى‬
‫حقوقهـا‪ ،‬ولكـى اقـف بشـكل جـ ِّدى علـى موضـوع الدراسـة‪ ،‬فقـد قمـت‬
‫بالتعـرف إلـى مختلـف الجرائـم التـى تمـس المـرأة‪ ،‬مـن خـال الوقـوف عنـد‬
‫عناصـر كل جريمـة علـى حـدة؛ حتـى يمكـن إدراك توجهـات المشـرع المصـرى‪.‬‬

                                                     ‫بعرقضم‪:‬كاتالبم‪:‬ستشار الدكتورة‪ /‬دعاء الحداد‬

                                                                         ‫عضو المكتب الفني لمحكمة النقض‬

‫الذى يستهدف كسر إرادتها‪ ،‬أو التهوين من شأنها‪ ،‬وهذه الصور الأخيرة‬                          ‫َو َت َتم َّثل الإشكَال َّية الجوهرية التى يطرحها هذا الموضوع فى‪ :‬إلى أ ِّى‬
                                                                                          ‫ح ٍّد استطاع المشرع المصرى توفير حماية جنائية للمرأة؟ وهل كفل لها‬
‫قد لا تكون فى كثير من الحالات معاق ًبا عليها‪ ،‬بل قد لا تجد لدى‬
‫ثعمةدمإ اشتكاحلاادتأوت تظقهارر دبائ ًوماجهعانتد‬  ‫أن‬  ‫وهذا يرجع إلى‬    ‫استهجا ًنا‪،‬‬  ‫البعض‬  ‫الحماية الجنائية الكافية والمناسبة‪ ،‬باعتبارها إنسا ًنا ومواط ًنا‪ ،‬ويراعى‬
                                                 ‫فى‬  ‫المـرأة‪ ،‬وتتمثل‬  ‫فى قضايا‬     ‫البحث‬  ‫خصوصيتها فى ظل الموازنة بين الالتزامات الدولية والمبادئ والقيم‬

‫النظر حولها‪ ،‬لاختلاف مشارب وثقافات من يبحثون فى هذه القضايا‬                               ‫التى تحكم المجتمع المصرى‪ ،‬أم يتع َّي فرض آليات جديدة لحماية المرأة‬

‫اختلا ًفا يجد مرجعه فى اختلاف المعتقدات سواء الدينية أو غيرها‪،‬‬                            ‫من كل أنواع العنف سواء قل أو عظم‪ ،‬لتواكب المتغيرات التى يشهدها‬

‫والنظرة إلى المرأة فى ذاتها‪ ،‬واختلاف التكوين النفسى لمن يتناول‬                            ‫عصرنا الحالى‪ ،‬وهل من الممكن معالجة الثغرات القانونية التى أخلَّت‬
                                                                                                                                              ‫إخلا ًل واض ًحا بمسألة حماية‬
                                                     ‫قضايا المرأة وغيرها‪.‬‬                                      ‫افلمىرأةتقيجينامئ ًّياال؟نصوص‬  ‫َوتبدو أهمية هذا الموضوع‬

‫والأصل أن القانون الجنائى هو جهة الاختصاص لحماية المرأة من‬                                ‫المتعلقة‬  ‫القانونية‬

‫صور العنف المختلفة‪ ،‬والتى تعرقل دورها فى مجتمعها وتؤثر سل ًبا‬                             ‫بالحماية الجنائية للمرأة‪ ،‬بتناول أوجه القصور التشريعى‪ ،‬وكذلك أوجه‬
‫على المجتمع‪ ،‬وإذا كانت الحماية القانونية للمرأة مقررة فى كافة فروع‬
                                                                                          ‫التمييز المعيبة بينها وبين الرجل‪ ،‬فتعهدت ك َّل ذلك بالتحليل والنقد‬
                                                                                          ‫وصو ًل إلى استلهام وض ٍع أمثل للمرأة فى نصوص القانون الجنائى‬
‫القانون‪ ،‬ومقررة فى المواثيق الدولية التى ُتع ُّد قانو ًنا وطن ًّيا متى التزمت‬             ‫المصرى‪ ،‬إلى جانب ذلك فإن الموضوع يعد حيو ًّيا من حيث إ َّن كثي ًرا‬
‫بها الدولة المصرية‪ ،‬لكن الحماية القانونية لا تكون فعالة إلا إذا دعمها‬                     ‫من الوقائع الجنائية المعروضة فى ساحات القضاء تتعلق بممارسات‬

‫قانون العقوبات‪ ،‬باعتباره الوسيلة الفعالة للتصدى لكافة الانتهاكات‬

‫والاعتداءات التى تطال حقوقها الشخصية‪ ،‬سواء من طرف الغير فى‬                                ‫العنف ضد المرأة؛ ولذلك فإن نتائج هذه الرسالة تهم المخاطبين بأحكام‬

‫الحياة العامة‪ ،‬أو المرتكبة من طرف أفراد الأسرة‪ ،‬تأكي ًدا منه على‬                                                         ‫القانون الجنائى والقائمين على تنفيذه‪.‬‬
‫ضمان تمتعها بكافة حقوق الإنسان والمواطن على قدم المساواة مع‬
                                                                                          ‫وللدلوف إلى هذه الدراسة‪ ،‬كان لزا ًما بيان ماهية الحماية الجنائية‬
‫الرجل‪ ،‬وحر ًصا منه على صون كرامة المرأة واعتبار ما يهدد سلامتها‬                           ‫للمرأة‪ ،‬وكذلك مكانة المرأة فى الشريعة الإسلامية (القرآن الكريم‬
             ‫المادية والمعنوية خط ًرا يهدد الأمن والسلم فى المجتمع‪.‬‬
                                                                                          ‫والسنة النبوية)‪ ،‬فالمادة الثانية من دستور ‪ 2014‬تجعل من مبادئها‬
‫ويقصد بمصطلح الحماية الجنائية بصفة عامة أن يدفع قانون‬
                                                                                          ‫المصدر الرئيسى للتشريع فى مصر‪ ،‬سواء أكان تشري ًعا وطن ًّيا‪ ،‬أم كان‬
‫العقوبات عن الحقوق أو المصالح المحمية جميع الأفعال غير المشروعة‪،‬‬                          ‫دول ًّيا صار وطن ًّيا بعد التزام مصر به طب ًقا للدستور‪ ،‬ثم بيان مكانة‬

‫التى تؤدى إلى النيل منها بما يقرره لها من عقوبات‪ ،‬أما المقصود‬                                               ‫المرأة فى التشريع المصرى (الدستور والقوانين)‪.‬‬

‫بالحماية الجنائية فى نطاق هذا البحث هو‪ :‬أن يدفع قانون العقوبات‬                            ‫وعلى ذلك قسمت الفصل التمهيدى إلى مبحثين‪ ،‬تناولت فى أولهما‬                         ‫ثــقافة قــــانونية‬

‫عن المرأة سائر الأفعال غير المشروعة‪ ،‬التى ُتشكِّل اعتدا ًء عليها عن‬                       ‫ماهية الحماية الجنائية للمرأة‪ ،‬واستعرضت فى ثانيهما مكانة المرأة‬
                                ‫طريق ما يقرره لها من عقوبات‪.‬‬
                                                                                                               ‫فى الشريعة الإسلامية‪ ،‬وفى التشريع المصرى‪.‬‬

‫وللحماية الجنائية مجاليين‪ :‬موضوعى وإجرائي؛ إذ يستهدف النوع‬                                ‫ولما باتت المرأة من بين المصالح التى أولى لها القانون الجنائى أهمية؛‬

‫الأول تت ُّبع الأفعال ذات العلاقة بالمصلحة المراد حمايتها‪ ،‬وذلك بجعل‬                      ‫وذلك لما لهذا الأخير من بعد ثاقب‪ ،‬إذ بحمايته للمرأة كمصلحة فردية‬
‫صفة الأنثى عنص ًرا تكوين ًّيا بالتجريم أو ظر ًفا مشد ًدا‪ ،‬وإذا كان هذان‬
‫الأثران هما مظهرا الحماية الجنائية التى تتبادر إلى الذهن للوهلة‬                           ‫تتحقق معه مصلحة المجتمع ككل‪ ،‬فالسلوك المعنف الموجه ضدها هو‬

                                                                                          ‫بالسهر‬    ‫الأعضاء‬    ‫سائر‬  ‫له‬  ‫اشتكى‬  ‫عض ًوا‬        ‫أصابت‬  ‫إذا‬  ‫بمثابة عدوى‬
                                                                                                                                                              ‫والحمى‪.‬‬
‫الأولـى‪ ،‬فإنه يتصور أن يكون لها مظاهر أخـرى على النقيض من‬

‫المظهرين السابقين؛ إذ يتصور أن تكون سب ًبا للإعفاء من العقاب‪ ،‬كما‬                         ‫فكثيرة هى صور العنف التى ُتو َّجه ضد المرأة يزخر بها قانون العقوبات‬
‫يتصور أن تكون سب ًبا لإباحة الجريمة نفسها‪ ،‬وذلك إذا رأى المشرع‬                            ‫وغيره من القوانين لأنها تشكل جرائم‪ ،‬فض ًل عن صور العنف المعنوى‬

                                                                                                                                                          ‫أبريل ‪682025‬‬
   63   64   65   66   67   68   69   70   71   72   73