Page 39 - لماذا
P. 39

‫لماذا؟‬

‫لأن نصف من سيسمعك ويسمعني ويسمع من يمر بالمشاعر نفسها لا يأبه‬
‫أسا ًسا لما يدور في خلدي‪ ،‬والنصف الآخر سيشمت وقد ينتهز الفرصة للإطاحة بنا‬

                        ‫بأي شكل من أشكال الشر التي قد تسول له نفسه‪.‬‬
‫ولكن أتدري أن هناك احتما ًلا ولو واحد في المائة أن تكتشف حينها ملا ًكا‬

                                             ‫حقيق ًّيا على هيئة إنسان؟‬
‫أن تكتشف صد ًرا حنوًنا فات ًحا ذراعيه على مصراعيه ومذع ًنا لك قلبه قبل‬
‫أذنيه بأنه معك‪ ..‬يشعر بك وينصت لك‪ .‬قد يكون هذا الإنسان أ ًخا أو أخ ًتا‪،‬‬
‫صدي ًقا أو صديقة دراسة فرقت بينكما الأماكن‪ ،‬ولكن الزمن توقف بينكما حينما‬

                                                   ‫افترقتما في يوم ما‪.‬‬

 ‫قد يكون هذا الشخص أحد والديك إذا كانوا على قيد الحياة أو توفاهم الله‪.‬‬

‫أجل‪ ،‬حتى وإن غابوا عن دنيانا أو توفاهم الله فما زالت ِصلتنا بهم مستمرة‬
                                          ‫لآخر يوم لنا على هذه الأرض‪.‬‬

‫حقيقة أستشعرها عشرات المرات التي أتخبط فيها ولا أدري لمن ألجأ أو لمن‬
‫أشكو ما بي من ألم‪ ،‬فأراني أتحدث مع أمي‪ ..‬أمي التي رغم غيابها عني بجسدها‬
‫منذ اثني عشر عا ًما فإنها دائ ًما وأب ًدا معي وحولي‪ ،‬تشعر بألمي ومعاناتي‪ ،‬أحدثها‬
‫وترد علي‪ ،‬أسمع دعواتها ونصائحها وكلي إيمان أنها هنا وإن رحلت؛ فالغائبون‬
‫بأجسادهم ليس لنا الحق في نسيانهم كما قال سان أوغسطين "الأموات غير‬

                                                  ‫‪ 38‬لماذا نكذُب؟ | إيناس عبدالله‬
   34   35   36   37   38   39   40   41   42   43   44