Page 30 - تنوير 4-8
P. 30

‫لجنة الفلسفة وعلم الإجتماع والأنثروبولوجيا ‪ -‬المجلس الأعلى للثقافة‬

‫أ ‪‬ب ‪‬ج ‪‬د ‪‬أ‬                                                       ‫(ب) الهيكل ال أرسي‪ -‬الخطي‪:‬‬

‫وتتجـاوز العلاقـة بيـن العلـوم فـي الهيـكل الدائـري مجـرد‬           ‫يستند إلى مقومين اثنين هما‪:‬‬

‫	‪1 .‬أنـه يعتمـد علـى مفهومنـا عـن العلـم‪ ،‬وليـس عـن انغـاق الهيـكل الدائـري للعلـوم علـى نفسـه بحيـث نصبـح‬

‫أمـام إمكانيـة وجـود تقاطعـات داخليـة مـا بيـن مجموعـات‬            ‫مضمـون أو موضـوع العلـم‪.‬‬

‫	‪2 .‬كمـا يسـتند علـى مفهومـي «العـام»‪ ،‬و»الخـاص»‪ ،‬أو العلـوم المختلفـة‪ ،‬مثـال إمكانيـة التقاطـع بيـن‪:‬‬

‫د ‪ ‬ب وبيـن‪ :‬أ ‪ ‬ج‪ .‬وبـدون هـذه الإمكانيـة‬                     ‫«المجـرد»‪ ،‬و «المحسـوس»‪ ،‬ويفتـرض وجـود تـدرج‬
‫يصبـح مـن غيـر المعقـول مثـا الحديـث عـن علاقـة تجمـع‬          ‫بيـن أدنـى المعـارف الغارقـة فـي المحسـوس‪ ،‬وأعلـى‬
‫بيـن الرياضـة مـن جانـب وعلـم النفـس مـن جانـب آخـر‪.‬‬           ‫المعـارف رتبـة فـي التجريـد‪ ،‬وتتـدرج العلـوم فـي خـط‬
‫فالرياضـة متقدمـة عـن علـم النفـس بموضوعهـا ومناهجهـا‬          ‫أرسـي‪ ،‬تنازلـي أو تصاعـدي يجمعهـا بحسـب المرحلـة‬
‫الاسـتنباطية‪ ،‬ونتائجهـا الصارمـة بمـا يقـرب مـن ثلاثيـن‬        ‫التـي قطعتهـا فـي سـعيها نحو»المجـرد» أو «العـام»‪.‬‬
                                                               ‫ومبـدأ هـذا الهيـكل التصنيفـي مسـتمد مـن معرفتنـا‬

‫قرنـاً مـن الزمـان‪ ،‬و التقاطـع المزمـع بيـن الرياضـة و علـم‬    ‫المفاهيميـة عـن العلـم‪ ،‬ويفتـرض الآخـذون بهذاالهيـكل‬
‫النفـس‪ ،‬يجـد تبريـره عنـد جـان بياجيـه فـي تعاليـم الوضعييـن‬   ‫ال أرسـي‪-‬الخطي فـي ميـدان تصنيـف العلـوم وجـود‬
                                                               ‫أسـبقية منطقيـة هـي التـي ترتـب وتُن ِّظـم علاقـة‬
‫المناطقـة‪ ،‬أو التجريبييـن المناطقـة‪ ،‬الذيـن أ اردوا رّد‬        ‫العلوم‪-‬تصاعديـاً أو تنازليـاً‪ -‬بعضهـا ببعـض‪ .‬وبنـا ًء‬
‫البنيـات المنطقيـة‪ -‬الرياضـة إلـى اللغـة (بوصفهـا واقعـة‬       ‫علـى مبـدأ الأسـبقية المنطقيـة تترتـب العلـوم وفقـاً لهـذا‬
                                                               ‫الهيـكل تنازليـا بدئـاً بعلـم المنطق(منطـق القضايـا‪ -‬ثـم‬
‫اجتماعيـة)‪ ،‬وجـان بياجيـه نفسـه يريـد أن يسـتخلص هـذه‬          ‫منطـق الفئـات‪ -‬ثـم منطـق العلاقـات) ويلـي المنطـق‬
                                                               ‫علـم الحسـاب‪ ،‬فالهندسـة‪ ،‬فعلـم الحركـة‪ ،‬فالميكانيـكا‪،‬‬
‫البنيـات نفسـها مـن التناسـق العـام للسـلوك (واقعـة مركبـة‬     ‫فعلـم الطبيعـة‪ ،‬فعلـم الحيـاة‪ ،‬فعلـم النفـس‪ ،‬وأخيـ اًر علـم‬

‫ممـا هـو بيولوجـي ونفسـي و اجتماعـي)‪ ،‬وهكـذا يجـد جـان‬                                              ‫الاجتم ـاع‪)32‬‬

‫بياجيـه مـن خـال اللغـة التقاطـع الممكـن بيـن الرياضـة‬
                                      ‫وعلـم النفـس‪32.‬‬

‫لكـن إذا جعلنـا هـذه الهيـاكل بمثابـة معاييـر نقيـس عليهـا‬     ‫(ج) الهيـكل الدائـري‪ :‬يسـتمد مقوماتـه الإبسـتمولوجية مـن‬
‫تصنيفـات العلـوم عنـد العـرب‪ ،‬أو موازيـن نـزن بهـا هيـاكل‬      ‫موضوعـات العلـم‪ ،‬أو مضاميـن العلـم‪ -‬بخـاف الهيـكل‬
‫تصنيفاتهـم‪ ،‬أي هيـكل هـو الـذي يصلـح لهـم‪ ،‬ومـع مـ ْن‬          ‫الخطي ال أرسـي‪ -‬فكل علم يتعامل مع موضوعات بعينها‪،‬‬
                                                               ‫وكل علـم يـؤدي إلـى العلـم الـذي يليـه علـى محيـط الدائـرة‬
                                             ‫تحدي ـدا؟‬         ‫حتـى تنغلـق الدائـرة علـى نفسـها‪ .‬فـإذا مَّيزنـا‪ -‬مثـا‪ -‬بيـن‬

‫بالفعـل يقـوم أسـتاذنا الدكتـور حسـن عبـد الحميـد‪-‬‬                  ‫أربـع مجموعـات مـن العلـوم‪:‬‬

‫بعـد وقوفـه علـى هيـاكل تصانيـف العلـوم التـي كشـف‬                  ‫(أ) علوم المنطق و الرياضة‪.‬‬

‫عنهـا تحليلـه الإبستمولوجي‪،‬المسـتمد مـن الإبسـتمولوجيا‬              ‫(ب) العلوم الفيزيائية‪.‬‬

‫المعاصـرة‪ ،‬بمعالجـة تصنيـف العلـوم عنـد اليونـان‬                    ‫(ج) العلوم البيولوجية‪.‬‬

‫(د) العلـوم النفسـية‪ -‬الاجتماعيـة ( ومعهـا علـوم اللغـة (أفلاطـون وأرسـطو) طبقـا للهيـاكل ال ُمشـار إليهـا(‪ .)33‬ثـم‬
‫ينتقـل للحديـث عـن هيـاكل تصانيـف العلـوم عنـد العـرب‬               ‫والاقتصاد‪...‬إل ـخ)‬

‫ودلالاتهـا الإبسـتمولوجية‪ ،‬بادئـا بالفيلسـوف العاًلـم الصوفـي‬      ‫فتصبح العلاقة بين هذه العلوم على النحو الآتي‪:‬‬

‫جابـر بـن حيـان ( ت ‪160‬هـ تقريبـا)‪ ،‬موضحـا‪ ،‬مـن خـال‬

                                                               ‫‪30‬‬
   25   26   27   28   29   30   31   32   33   34   35