Page 126 - الملكية الفكرية العدد الثاني17-8-2025
P. 126
مجلة ثقافة الملكية الفكرية -العدد الثاني
نعم ،من حق المخترعين والمبدعين أن ينالوا التقدير حساسـة مثـل الصناعـات الدوائيـة ،حيـث تُحتكـر الأدويـة
والمكافـأة .ولكـن لا بـد أن يتـوازن هـذا الحـق مـع حـق المنقـذة للحيـاة لعقـود طويلـة مـن خـال تغييـ ارت طفيفـة
المجتمـع فـي الوصـول إلـى المعرفـة ،والبنـاء علـى مـا تـم ودون تطويـر حقيقـي ،مـا يحـول دون توفرهـا بأسـعار
ابتـكاره مـن قبـل .نحـن بحاجـة إلـى إصلاحـات تشـريعية معقولـة للـدول الناميـة .كمـا أن هـذه الممارسـات تؤثـر
تميـز بيـن الابتـكار الحقيقـي والممارسـات الاحتكاريـة. سـلًبا علـى قطـاع التكنولوجيـا ،حيـث تُسـتخدم بـ ارءات
نحـن بحاجـة إلـى أطـر قانونيـة عالميـة ت ارعـي حقـوق الاختـ ارع كوسـيلة لتقييـد دخـول المنافسـين إلـى الأسـواق،
الإنسـان تما ًمـا كمـا ت ارعـي حقـوق المخترعيـن. وعرقلـة الابتـكار المسـتقل.
يجـب ألا تكـون الملكيـة الفكريـة حاجـًاز أمـام اللقاحـات
أو الغـذاء أو التقنيـات المسـتدامة ،بـل يجـب أن تكـون ولا يقتصـر الأثـر السـلبي علـى تقييـد الابتـكار مـن
ِقبـل اللاعبيـن الصغـار أو الشـركات الناشـئة غيـر القـادرة
جسـًار نحـو عالـم أكثـر ابتـكاًار وعدالـة ومرونـة. علـى خـوض معـارك قانونيـة طويلـة ومكلفـة ،بـل يتعـداه
ينبغـي أن تُبنـى قوانيـن الملكيـة الفكريـة علـى تـوازن إلـى إعاقـة التقـدم فـي مجـالات حيويـة مثـل الصحـة،
دقيـق بيـن حمايـة الحـق الفـردي ،وتحقيـق المصلحـة
والطاقـة النظيفـة ،والز ارعـة.
العامـة .وهـذا يتطلـب إصلاحـات جذريـة تشـمل:
وفـوق ذلـك ،نشـهد اليـوم تسيي ًسـا مت ازيـًدا لقوانيـن
التمييـز بوضـوح بيـن الابتـكار الحقيقـي والتعديـات الملكيـة الفكريـة .فقـد أصبحـت حقـوق الملكيـة الفكريـة
الش ـكلية. أدوات تفـاوض جيوسياسـية تُسـتخدم مـن قبـل الـدول ذات
النفـوذ الاقتصـادي والتكنولوجـي ،خاصـة فـي الاتفاقيـات
تعزيـز اسـتخدام جوانـب المرونـة التـي أقرتهـا التجاريـة .إذ تسـعى هـذه الـدول إلـى فـرض معاييـر
الاتفاقيـات الدوليـة الخاصـة بالملكيـة الفكريـة وعلـى صارمـة تخـدم شـركاتها ،حتـى لـو كان ذلـك علـى حسـاب
حرمـان الـدول الناميـة مـن الوصـول إلـى أدويـة أساسـية،
أرسـها اتفاقيـة تريبـس.
أو تقنيـات ز ارعيـة ،أو مصـادر معرفيـة ضروريـة.
ضمـان عـدم اسـتخدام الملكيـة الفكريـة كسـاح
تفاوضـي فـي العلاقـات الدوليـة. وهـذا يطـرح تسـاؤلات أخلاقيـة جوهريـة :هـل ينبغـي
للحمايـة القانونيـة للاخت ارعـات أن تطغـى علـى حـق
إن مسـتقبل الابتـكار لا يكمـن فـي تكبيلـه بقيـود الإنسـان فـي الصحـة والتغذيـة والمعرفـة؟ هـل يجـوز أن
قانونيـة تخـدم الاحتـكار ،بـل فـي بيئـة تشـجع المشـاركة، تمنـع قوانيـن الملكيـة الفكريـة الحلـول الممكنـة لأزمـات
والانفتـاح ،والتنافـس الشـريف .لقـد حـان الوقـت لأن نعيـد
صياغـة العلاقـة بيـن الملكيـة الفكريـة وحقـوق الإنسـان، عالميـة مثـل الأوبئـة أو انعـدام الأمـن الغذائـي؟
ليـس بنقـض مبـدأ الحمايـة ،بـل بإعـادة تعريفـه بمـا ينسـجم
مـع تحديـات هـذا العصـر وطموحـات أجيالـه القادمـة. مـن وجهـة نظـري ،آن الأوان أن نعيـد النظـر فـي
الغاية الأساسية للملكية الفكرية :أن تكون محفًاز للإبداع
والابتـكار ،وأداة لخدمـة البشـرية ،لا عائًقـا أمامهـا.
126

