Page 39 - الملكية الفكرية العدد الثاني17-8-2025
P. 39

‫لجنة حماية الملكية الفكرية ‪ -‬المجلس الأعلى للثقافة‬

                       ‫صورة الممتلكات الخاصة‪:‬‬

    ‫التنازع بين سلطات مالك الدعامة المادية وحقوق مؤلف المصنف المتجسد فيها(‪)1‬‬

     ‫‪ 	1‬هذا المقال جزء من بحث للمؤلف بعنوان حماية صورة الأموال‪ ،‬دراسة مقارنة لأحكام القضاء وآراء الفقه‪ »،‬دار النهضة العربية‪ ،‬سنة ‪.2007‬‬

           ‫أ‪.‬د‪ /‬عبدالهادي فوزي العوضي‬                            ‫لـم يعـد حـق الشـخص قاصـًار علـى صورتـه‬
      ‫أستاذ ورئيس قسم القانون المدني ‪ -‬كلية‬                      ‫الشـخصية‪ ،‬بـل بـات يشـمل أي ًضـا صـورة أموالـه أو‬
                                                                 ‫ممتلكاتـه الخاصـة‪ .‬فعلـى الرغـم مـن أن الحديـث عـن‬
              ‫الحقوق – جامعة القاهرة‬                             ‫صـورة الشـخص علـى ممتلكاتـه قـد يبـدو غريًبـا للوهلـة‬
                                                                 ‫الأولـى‪ ،‬فـإن الواقـع العملـي كشـف عـن أن صـورة‬
    ‫أولاً‪ :‬مبــدأ اســتقلال الملكيــة الماديــة عــن الملكيــة‬   ‫الممتلـكات الخاصـة باتـت تحظـى بأهميـة مت ازيـدة مـن‬
                                             ‫الفكريــة‪:‬‬          ‫الناحيـة الاقتصاديـة؛ إذ أصبحـت الصـور التـي تج ّسـد‬
                                                                 ‫ـ مثـا ـ عقـا ارت ذات طـ ارز معمـاري فريـد‪ ،‬أو منقـولات‬
    ‫كـّرس المشـّرع الفرنسـي ص ارحـة مبـدأ اسـتقلال‬               ‫ذات طابـع خـاص‪ ،‬مجـاًل خصًبـا للاسـتغلال التجـاري‪.‬‬
    ‫الملكيـة الفكريـة عـن الملكيـة العاديـة‪ ،‬وذلـك بنـص المـادة‬  ‫فالمصـّور المهنـي الـذي يلتقـط صـورة لعقـار تاريخـي‪،‬‬
    ‫( ‪ ) 3-111.L‬من تقنين الملكية الفكرية‪ ،‬والتي تقضي‬             ‫أو تمثـال لنحـات مشـهور‪ ،‬أو سـيارة فريـدة التصميـم‪ ،‬أو‬
    ‫بـأن‪« :‬الملكيـة غيـر الماديـة (‪ )...‬مسـتقلة تمامـاً عـن‬      ‫حتى لحيوان من سـالة نادرة‪ ،‬لا يحتفظ بها ـ في الواقع‬
    ‫ملكيـة الشـيء المـادي»‪ ،‬وأن مكتسـب ملكيـة هـذا الشـيء‬        ‫ـ لمتعتـه الشـخصية‪ ،‬بـل يعمـد إلـى بيـع هـذه الصـور‬
    ‫(المحـل) لا يتمتـع بـأي مـن حقـوق الملكيـة الفكريـة عليـه‪.‬‬   ‫وتسـويقها لـوكالات الإعـان مقابـل عـوض مالـي معيـن‪.‬‬
    ‫ومـؤدى ذلـك أن صاحـب الحـق فـي الملكيـة الماديـة‬             ‫وتقـوم هـذه الـوكالات بدورهـا إمـا بالتنـازل عنهـا لـوكالات‬
    ‫لا يكتسـب ‪-‬بمجـرد نقـل ملكيـة الشـيء إليـه‪ -‬الحقـوق‬          ‫أخـرى متخصصـة فـي الدعايـة‪ ،‬أو ببيعهـا للناشـرين‪.‬‬
    ‫الماليـة المتعلقـة بالمصنـف الذهنـي المتجسـد فيـه‪ .‬وتبـدو‬    ‫وهكـذا‪ ،‬تدخـل الصـورة فـي دورة اقتصاديـة متكاملـة (‪.)22‬‬
    ‫الأهميـة البالغـة لهـذا المبـدأ فـي مجـال مصنفـات الفنـون‬
    ‫الجميلـة‪ ،‬كمـا هـو الحـال ‪-‬مثـاً‪ -‬إذا اشـترى هـاٍو لجمـع‬     ‫غيـر أن هـذا الواقـع الاقتصـادي قـد أثـار إشـكالية‬
    ‫المقتنيـات (‪ )Collectionneur‬مـن فنـان شـهير تمثـالاً‬         ‫مـن الناحيـة القانونيـة‪ ،‬تتمثـل فـي التعـارض بيـن سـلطات‬
    ‫أو لوحـة زيتيـة‪ .‬وقـد كان هـذا التكريـس التشـريعي رّد‬        ‫مالـك الدعامـة الماديـة – مـن حيـث حقـه فـي الاسـتعمال‬
    ‫فعـ ٍل علـى اتجـاه قضائـي سـابق‪ ،‬كان يقـّرر بـأن تمّلـك‬      ‫والاسـتغلال والتصـرف فـي الشـيء أصـ ًا وفرًعـا – وبيـن‬
    ‫الدعامـة الماديـة للمصنـف يخـول مكتسـب هـذه الملكيـة‬         ‫امتيـا ازت مؤلـف المصنـف المتجسـد فـي تلـك الدعامـة‪،‬‬
    ‫حـق استنسـاخ المصنـف‪ ،‬مـع أن حـق النسـخ ُيعـد مـن‬            ‫فيمـا يتعلـق باسـتغلال الصـورة‪ .‬فهـل يثبـت هـذا الحـق‬
                                                                 ‫لمالـك الشـيء؟ أم لمؤلـف المصنـف؟ وكيـف يمكـن‬
                                                                 ‫التوفيق بين سـلطات كل من الطرفين؟ هذا ما سـنعالجه‬

                                                                             ‫فـي هـذا المقـال مـن خـال النقـاط الآتيـة‪:‬‬

                                                                                                          ‫‪ 2	 2‬ارجع فى ذلك‪»:‬‬
                                                                 ‫‪Jean-Michel BRUGUIERE, L’exploitation de‬‬
                                                                 ‫‪l’image des biens, Victoires Editions, janvier‬‬
                                                                 ‫‪2005 (Légipresse) , P. 16.‬‬

‫‪39‬‬
   34   35   36   37   38   39   40   41   42   43   44