Page 134 - merit mag 36- dec 2021
P. 134

‫العـدد ‪36‬‬                          ‫‪132‬‬

                                  ‫ديسمبر ‪٢٠٢1‬‬

  ‫الأوربية لطريق آخر يقوم على‬           ‫هادئ وفي صورة إشارات‬          ‫أعضاء البرلمان النيوزيلندي»(‪،)34‬‬
  ‫تطوير فلسفات للتمرد والحياة‬       ‫صغيرة هنا وهناك‪ ،‬لكن يمكن‬            ‫كما شهدت العديد من البلدان‬
                                                                        ‫الغربية الأخرى المظاهر نفسها‬
    ‫كهامش في ظل سيطرة المتن‬             ‫أن تتوقع الدراسة انفجا ًرا‬
            ‫واليأس من تغييره‪.‬‬       ‫كبي ًرا في لحظة ما ليؤكد عملية‬    ‫التي تؤكد على الفجوة بين المتون‬
                                  ‫«التصحيح الحضاري»‪ ،‬ويتجاوز‬           ‫الجرمانية ومتلازماتها الثقافية‬
 ‫لذا من المحتمل أن تشهد أوروبا‬                                             ‫المؤيدة للظاهرة الصهيونية‬
‫ثورة شعبية قوية في فترة ليست‬           ‫تطرف «الذهنية الجرمانية»‬              ‫العنصرية ودولتها‪ ،‬وبين‬
                                  ‫لتكتسب للمرة الأولى في تاريخها‬          ‫القواعد الشعبية التي ترفض‬
    ‫ببعيدة‪ ،‬لأن العلاقات داخلها‬    ‫عملية «المرونة الحضارية» التي‬      ‫هذه المتلازمات الثقافية المشوهة‬
     ‫بين المتون الثقافية الحاكمة‬                                      ‫والموروثة من «المسألة الأوربية»‬
‫والمهيمنة‪ ،‬وبين القواعد الشعبية‬      ‫كانت تفتقدها نتيجة خروجها‬                             ‫التاريخية‪.‬‬
   ‫والعادية وبين النخب الثقافية‬    ‫بشكل متأخر من الحياة البدائية‬          ‫وهنا يمكن التأكيد في سياق‬
 ‫خارج المتون‪ ،‬لا تقف على صف‬        ‫والرعوية والوحشية في القرنين‬        ‫الفرضية التي تطرحها الدراسة‬
‫واحد‪ ،‬فلا المتون الثقافية نجحت‬                                              ‫على إمكانية تطور رد فعل‬
‫في التعبير عن متغيرات وحاجات‬         ‫الثاني والثالث الميلادي‪ ،‬وذلك‬       ‫القواعد الشعبية والجماهيرية‬
  ‫القواعد الشعبية وتطور وعيها‬        ‫على غرار المجموعات البشرية‬              ‫وتراكمه تجاه هذه الهوة‬
      ‫من خلال نظرها إلى الآخر‬                                           ‫ومتلازماتها الثقافية من خلال‬
 ‫خاصة مع الثورات العربية‪ ،‬ولا‬           ‫القديمة التي سبقت القبائل‬        ‫عملية «التصحيح الحضاري»‬
     ‫النخب الثقافية خارج المتون‬        ‫الجرمانية بآلاف السنين في‬             ‫لتجاوز متلازمات المسألة‬
     ‫قدمت فلسفات أو مقاربات‬       ‫الخروج من المجتمع البدائي نحو‬              ‫الأوربية الثقافية المرتبطة‬
      ‫تصلح لأن تتبناها القواعد‬                                                ‫بتقديس الاختيار الحدي‬
    ‫الشعبية‪ ،‬فهي تقدم فلسفات‬                            ‫التحضر‪.‬‬         ‫المادي‪ ،‬واستعادة فكرة «القيم»‬
 ‫للنخبة لتعمل كمكيفات لتخفيف‬        ‫ويمكن صياغة المشكلة كالتالي‪:‬‬          ‫والأخلاق و»الروحيات» مرة‬
 ‫وطء الواقع عليهم‪ ،‬هي فلسفات‬                                                 ‫أخرى‪ ،‬يتجاور مع الدين‬
   ‫تعمل في ظل اليقين من هيمنة‬          ‫أن التقاليد الثقافية المستقرة‬          ‫ويتجاوز عقدة «الذهنية‬
    ‫متلازمات المسألة الأوروبية‪،‬‬     ‫في متون المؤسسات الأوروبية‬
‫ومن ثم هي فلسفات لا تعبر عن‬                                           ‫الجرمانية» المتطرفة التي تطرفت‬
‫توجهات النخب الحاكمة ومتونها‬               ‫وجذورها وروافدها في‬          ‫في قبول الدين في نهاية الموجة‬
      ‫ولا تعبر أي ًضا عن رغبات‬     ‫المجتمعات الأوروبية الجرمانية‪،‬‬      ‫الحضارية الثانية (عندما سيطر‬
                                  ‫والتي تصنع التوجهات الرئيسية‬             ‫الجرمان على الإمبراطورية‬
               ‫القواعد الشعبية‪.‬‬   ‫والسياسات العامة في تلك الدول‪،‬‬
     ‫ويجوز القول إن أمريكا قد‬                                         ‫الرومانية)‪ ،‬ثم تطرفت في رفض‬
  ‫تكون الشرارة المعبرة عن أزمة‬          ‫أصبحت على مسافة ما من‬           ‫الدين والاختيار المادي المتشدد‬
     ‫«المسألة الأوروبية» وتفجر‬     ‫تطور قرارات وتوجهات الأفراد‬
 ‫تناقضاتها الكامنة‪ ،‬والعجز بين‬      ‫والجموع العادية في المجتمعات‬          ‫عندما تسيدت وحدها الموجة‬
    ‫المتون الحاكمة ونخبها وبين‬     ‫نفسها‪ ،‬بسبب ثبات التقاليد عند‬          ‫الحضارية الثالثة (مع عصر‬
    ‫الهوامش ونخبها وفلسفاتها‬
    ‫وبين القواعد الشعبية‪ ،‬مثلما‬      ‫«الذهنية الجرمانية» وسماتها‬                   ‫النهضة والحداثة)‪.‬‬
  ‫حدث في تفجر ثورة السود في‬            ‫الثقافية التي أنتجت الآن ما‬          ‫وسوف يظهر ميل القواعد‬
‫أمريكا والتفجر المضاد الذي قام‬                                              ‫الشعبية لعملية «التصحيح‬
  ‫به أنصار العنصرية الجرمانية‬      ‫يمكن تسميته بوضوح «المسألة‬           ‫الحضاري» واستعادة «التقييم‬
‫(الأنجلو ساكسونية) مع ترامب‬            ‫الأوربية»‪ ،‬حين تحولت تلك‬          ‫الاتفاقي العالمي» لجانب القيم‬
                                      ‫السمات إلى متلازمات ثقافية‬        ‫والأخلاق والروح‪ ،‬ربما بشكل‬
                                      ‫مستعصية الحل‪ ،‬وفي الوقت‬
                                       ‫نفسه تطور قناعات شعبية‬

                                  ‫وجماهيرية وفق الواقع ودروسه‬
                                    ‫تتجاوز المتلازمات الثقافية تلك‬
                                    ‫وعلى رأسها «الصهيونية»‪ ،‬وفي‬
                                  ‫جهة ثالثة تطوير نخب الهوامش‬
   129   130   131   132   133   134   135   136   137   138   139