Page 50 - Pp
P. 50
ُه َبل
على ضوء السيارة الساطع رأيت حامد الهيتي أمامي واق ًفا ومعه
مجموعة من أصدقائه ،عند نصب الساعة الذي يصل ارتفاعه إلى
عشرين مت ًرا تقريبًا ،والساعة تحيي الناظرين إليها من فوق ،وقد
وقف القوم ينظرون ،وجوههم إليها شاخصة ،وأياديهم مرفوعة
للأعلى ،ثم أنزلوها بتمهل على استقامتها وأنزلوا معها أبصارهم
وأعلى صدورهم ،ثوان م َّرت ،عادوا بعدها لأذرعهم يرفعونها.
اقتربت الساعة من التاسعة والسماء تمطر مط ًرا خفي ًفا.
كنت أقود سيارتي ،على مقربة من النصب ،وقفت أنتظر مرور
السيارات على يساري ،وحين عبرت وأصبحت في الساحة على
مقربة من الجمع ،أنزلت الزجاج بجانبي فسمعتهم ير ِّددون
( ُهبل ..هبل) بصوت خاشع مو َّحد.
ناديته :حامد يا حامد؟
التف َت نحوي ،فلاحت نشوة الوجد في وجهه.
قال :من! ساعد بن أسد الفزار ّي! يا مرحبا يا مرحبا ،انزل يا
أخي عن راحلتك ،وتعال فالقوم تعرفهم ،أسياد مكة وأشرافها
وأعيانها ،تعال خذ معنا سجد ًة أو سجدتين لهبل عساها تنفعك
أو اجعلها خم ًسا لو شئت ،قبل أن تذهب إلى مضارب بني
عبس ،القريبة من مقهى الجندول .وإن ف َّضلت الذهاب ،وعدم
50