Page 116 - Pp
P. 116
أحداث متعددة ومتشابكة أدت إلى العـدد 35 114
تمازج بين الأنواع الأدبية ،لكنها
في الأخير خرجت ن ًّصا استطاعت نوفمبر ٢٠٢1 عائشة التيمورية
الكاتبة أن تطرزه بإتقان ،وصلت به يوسف السباعى
إلى الهدف من ورائه ،ألا وهو تحرير
الكتابة من سلطة الأجناس الأدبية
من خلال تدميرها ،وهذا الفعل
التدميري لم يأت مجا ًنا واعتباط ًّيا
لأنه مقدمة لنوع آخر من تهشيم
الأصنام ،بإعادة النظر في التاريخ
الأدبي القريب ورجالاته الذين
تعتبرهم "كهان أدب"
الذي لم تبح به لأحد ولا حتى لنادية لطفي، محل كتابة إلى درجة تقمصها» ..وهذا بالضبط
وبالتالي كانت هناك معطيات مخفية ،معطيات ما فعلته إيمان مرسال ،إنها تقمصت شخصية
غائبة عن الجميع وحدها إيمان مرسال تمكنت عنايات الزيات وعاشت لحظات تقلباتها النفسية
من معرفتها ،وفك شيفرات الشخصية المعقدة
لعنايات الزيات ،التي ُولدت غريبة وماتت غريبة لدرجة أنها أصبحت قرينتها ،فاستحضرتها
و ُدفنت غريبة ،وحتى كتابها عاش غريبًا ،فلو لم آتية بها من الزمن الماضي ،وتحولت هي نفسها
تتوقف إيمان مرسال عند بائع كتب قديمة لاقتناء تلك الفتاة الضجرة ،القلقة التي تعاني من شدة
نسخة من كرامات الأولياء ما كان لها أن تنتبه
لهذا العنوان الغريب «الحب والصمت» ،ومن هناك حساسيتها ومن فرط وجدانيتها.
تبدأ رحلتها الغريبة في البحث عن قبر منسي. هل كانت عنايات الزيات امرأة متوحدة؟ أو هل
بدت عليها مظاهر التوحد؟ من المعيب التسرع
«في أثر عنايات الزيات» كتاب جريء ج ًّدا،
مختلف في طريقة تأليفه؛ يفتح أف ًقا جدي ًدا في في الإجابة عن هذا السؤال دون التدقيق في
الكتابة السيرية ،ولعله الكتاب السيري الوحيد طريقة إيمان مرسال في التقصي ،فلقد كانت مثل
إلى حد الآن الذي تصدى لكتابة سيرة كاتبة مقتفي الأثر في واد غير ذي زرع ،وهو ما جعلها
بهذا الشكل الفني المغاير ،ومن المؤكد أن كثيرين
من الدارسين سوف يعيدون مراجعة نظرتهم تستنجد بحدسها ووحده حدسها الذي هو
حدس الشاعرة ،أوصلها إلى نتائج مختلفة تما ًما
للكتابة السيرية ،ناهيك عن أنه رد الاعتبار وبعيدة كل البعد عن الأسباب الأولى ،فليس عدم
لكاتبة ،هي ذلك الطائر الذي مات وهو يحلق في
نشر الكتاب هو سبب انتحارها ،خاصة ولقد
السماء اتضح أن إعلام عدم النشر لم يكن بخصوص
روايتها هي ،بل بخصوص كتاب آخر ،ولعل
السبب في انهيارها هو حبها الجديد ،هذا الحب