Page 175 - Pp
P. 175

‫‪173‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

          ‫محمد العجوز‬                ‫رشاد عبد العال‬                 ‫ليالي الأفراح في الجنوب‪،‬‬
                                                                     ‫وكما أشرنا ساب ًقا‪ ،‬غير‬
    ‫للفرح‪ ،‬ليحل فقط مقرئ‬           ‫بعض المجموعات تتكون‬              ‫أنه مع التحولات العميقة‬
      ‫القرآن الكريم في بداية‬   ‫ككفافة تصيغ الخانات‪ ،‬ويتم‬             ‫والعنيفة التي تسارعت‬
   ‫الليلة يعقبه الكف بمطربه‬                                           ‫وتيرتها‪ ،‬جعلت الفنان‬
   ‫الشهير‪ ،‬سيكون ذلك منذ‬          ‫دعوتها لليلة الكف مقابل‬           ‫والمنشد «محمد العجوز»‬
‫بداية التسعينيات حتى العقد‬       ‫أجر لتدق دور لا أكثر من‬
   ‫الأول من الألفية الجديدة‪،‬‬     ‫أدوار الكف‪ ،‬وهو ما يهدد‬               ‫يتشكي بشكل واضح‬
    ‫لكن ذلك أي ًضا لن يدوم‪،‬‬       ‫أي ًضا في المستقبل القريب‬     ‫وصريح من أن الوضع ليس‬
‫خاصة مع الحالة الاقتصادية‬                                       ‫سلي ًما‪ ،‬وأنه لا بد من البحث‬
  ‫للجماعة الشعبية‪ ،‬والتكلفة‬         ‫‪-‬وليس البعيد‪ -‬شباب‬
    ‫العالية التي يطلبها فنانو‬   ‫القرى‪ ،‬الكفافة‪ ،‬الذين سيتم‬            ‫عن طريق آخر لسفينة‬
‫الكف لإحياء الليالي‪ ،‬هي ليلة‬    ‫إبعادهم ليحل محلهم كفافة‬         ‫الإنشاد المهددة بالغرق‪ ،‬كما‬
  ‫واحدة وحيدة‪ ،‬لتدخل الآلة‬     ‫محترفون يتقاضون أجو ًرا‪،‬‬
  ‫مرة أخرى في قلب السامر‪،‬‬       ‫ويرفعون خاناتهم تلك على‬             ‫صرح بذلك في المساجلة‬
    ‫هنا الدي جي‪ ،‬هو الحل‪،‬‬                                        ‫التي جرت بينه وبين شيخه‬
  ‫أرخص تكلفة وأكثر صخبًا‬           ‫«اليوتيوب» ليجنوا منها‬       ‫الذي تعلم فنون الانشاد على‬
   ‫وضجي ًجا ومتنوع الغناء‪،‬‬       ‫أربا ًحا أي ًضا‪ ،‬في كل هذا لا‬
   ‫من كل الأطياف والألوان‪،‬‬       ‫تجري مراجعة ولا تدقيق‪،‬‬             ‫يديه وداخل بطانته‪ ،‬قبل‬
‫ولن يكون عجيبًا أو غريبًا أن‬     ‫ولا موافقة هذا لطبيعة فن‬           ‫أن يستقل ويك ِّون بطانته‬
‫ترى شباب القرى يرقصون‬                                              ‫الخاصة‪ ،‬في تلك المساجلة‬
    ‫رقصة البطريق‪ ،‬فالعولمة‬          ‫الكف من عدمه‪ ،‬خاصة‬
     ‫تزحف ولن يردها جهل‬            ‫مع إنشاء ما يسمي الآن‬               ‫المعنونة بـ»السفينة»؛‬
                                ‫بالتماني‪ ،‬أي الخانة المكونة‬     ‫سيشير بضوح وقوة بشكل‬
            ‫وفقر وقلة وعي‬
                                        ‫من ثمان شطرات‪.‬‬            ‫رمزي بالطبع‪ ،‬إلى الأمواج‬
                                    ‫على هذا تراجع الإنشاد‬         ‫التي تهدد السفينة بالغرق‪،‬‬
                                   ‫الديني وجنحت سفينته‬
                                   ‫بعي ًدا عن الليلة الرئيسة‬         ‫غير أن شيخه يرى ذلك‬
                                                                     ‫مجرد مخاوف ليس لها‬
                                                                ‫أساس‪ ،‬وهو ما يدفع العجوز‬
                                                                  ‫في النهاية إلى الإقرار بغرق‬
                                                                    ‫السفينة‪ ،‬وعلى هذا حاول‬
                                                                 ‫هو مع بطانته إدخال العديد‬
                                                                    ‫من الآلات الموسيقية على‬
                                                                    ‫الإيقاعات التقليدية‪ ،‬التي‬
                                                                ‫يعتمد عليها مشايخ الإنشاد‪،‬‬
                                                                  ‫لكنه لم يكن مخل ًصا لحقل‬
                                                                 ‫الإنشاد‪ ،‬بل كانت رغبته في‬
                                                                 ‫أن يصبح مطر ًبا تسحبه في‬

                                                                                ‫طريق أخر‪.‬‬
                                                                     ‫المطرب محترف‪ ،‬فلماذا‬
                                                                    ‫لا يكون الك َّفاف محتر ًفا‬
                                                                   ‫أي ًضا‪ ،‬وهو ما رأيناه قبل‬
                                                                   ‫ذلك مع كفاف متميز‪ ،‬هو‬
                                                                 ‫«محمد القاضى»‪ ،‬الآن بدأت‬
   170   171   172   173   174   175   176   177   178   179   180