Page 246 - m
P. 246

‫اليمن سببًا في انتشار الدين‬                           ‫العـدد ‪55‬‬                           ‫‪244‬‬
    ‫الجديد عالميًّا‪ ،‬حتى قال عنهم‬
  ‫الطبري «لولا سواعد اليمانية لما‬                                           ‫يوليو ‪٢٠٢3‬‬     ‫وإجابة واحدة ممتدة وكاشفة‪.‬‬
‫بنيت الدولة الأموية»‪ ،‬وأقول‪ :‬لولا‬                                                          ‫خالد اليماني دبلوماسي يمني‪.‬‬
    ‫سواعد اليمانية لما كانت هناك‬   ‫أصل الإنسان الحديثة أن الإنسان‬                           ‫التحق بالسلك الدبلوماسي في‬
    ‫إمبراطورية إسلامية مترامية‬        ‫العاقل ‪ homo sapiens‬ما إن‬
   ‫الأطراف‪ ،‬وما كان بالإمكان أن‬                                                              ‫عام ‪ 1991‬وتر َّقى في صفوفه‬
     ‫تكون هناك دولة إسلامية في‬     ‫كان يصل إلى مناطق تواجد أقوام‬                            ‫ليصبح سفي ًرا في عام ‪.2013‬‬
                                    ‫أخرى‪ ،‬إلا وتنقرض هذه الأقوام‬                         ‫عمل في عدة بعثات يمنية‪ ،‬بما في‬
                       ‫الأندلس‪.‬‬                                                           ‫ذلك كوالالمبور وواشنطن ولندن‬
 ‫وسنحاول في هذه المقالة الموسعة‬        ‫عن بكرة أبيها في فترة زمنية‬                        ‫والأمم المتحدة‪ .‬عين ممث ًل دائ ًما‬
                                      ‫قصيرة‪ ..‬وهكذا كان الحال في‬                            ‫للجمهورية اليمنية لدى الأمم‬
     ‫تناول الأزمة اليمنية الحالية‬    ‫الصراعات بين المناطق والقبائل‬                           ‫المتحدة عام ‪ ،2014‬ثم وزي ًرا‬
   ‫من مختلف زواياها‪ ،‬ودوافعها‬        ‫التي انطلقت من تراكم الثارات‪،‬‬                          ‫للخارجية بدرجة نائب رئيس‬
   ‫الداخلية ومحفزاتها الخارجية‪،‬‬    ‫والعداوات‪ ،‬والمصالح الضيقة‪ ،‬مما‬                        ‫وزراء عام ‪ ،2018‬قبل استقالته‬
                                    ‫تسبب في تخلخل الهوية الجامعة‬                            ‫عام ‪ .2019‬وحاليًا يعمل كبير‬
     ‫ودور اليمنيين بكافة نخبهم‬         ‫الممتدة منذ الألفية الثانية قبل‬                      ‫الباحثين غير المقيم في المجلس‬
  ‫السياسية وفاعلياتهم المجتمعية‬     ‫الميلاد‪ .‬تلك الهوية التي تغنَّى بها‬                 ‫الأطلسي‪ ،‬وينشر مقالات أسبوعية‬
‫في إيصال الأوضاع في وطنهم إلى‬          ‫امرؤ القيس «دمون إنا معشر‬                          ‫عن اليمن والشؤون الدولية‪ ،‬في‬
                                                                                         ‫صحيفة إندبندنت عربية في لندن‪.‬‬
             ‫هذه الحالة المزرية‪.‬‬                        ‫يمانون‪.»..‬‬                        ‫ومن هواياته الرسم والخط‪ ،‬وله‬
                                      ‫ولطالما كان الوعي الجمعي هو‬                         ‫العديد من الإسهامات الأدبية في‬
         ‫***‬                           ‫عنوان حضارات اليمن القديم‬
                                     ‫من سبأ‪ ،‬وحمير‪ ،‬وحضرموت‪،‬‬                                    ‫الشعر والقصة القصيرة‪.‬‬
‫تناولت في مناسبات عديدة سابقة‪،‬‬      ‫وقتبان‪ ،‬ومعين‪ ،‬فتداخل الصراع‬                                            ‫وإلى المقال‪:‬‬
    ‫قراءة القانون الدولي لما حدث‬      ‫حول محدودية الموارد ليصنع‬
                                       ‫هويات مختلفة لـ»اليمانيين»‪،‬‬                         ‫أخطار فشل الدولة‪،‬‬
  ‫ويحدث في اليمن‪ ،‬ضمن مفهوم‬                                                             ‫وسقوط الهوية الجمعية‬
‫«فشل الدولة» والذي تتشكل أبرز‬              ‫مثلما خلقت هذه الهويات‬
                                     ‫المتصارعة أديا ًنا مشتبكة‪ ،‬فكان‬                         ‫لم تكن مآسي الشعب اليمني‬
   ‫سماته بحسب الدكتور بطرس‬          ‫«المقة»‪ ،‬سيد الأرض والذي يرمز‬                           ‫المعاصرة التي ما زال يغالبها‬
 ‫بطرس غالي الأمين العام الأسبق‬        ‫اليه بالقمر‪« ،‬عثتر»‪ ،‬و»سين»‪،‬‬                      ‫خلال السنوات التسع الماضية هي‬
‫للأمم المتحدة‪ ،‬وأحد أبرز المفكرين‬   ‫وصو ًل إلى إله التوحيد الحميري‬                       ‫الأولى في تاريخه الممتد عمي ًقا منذ‬
 ‫السياسيين اللامعين في عصرنا‪،‬‬                                                              ‫نشأة البشرية‪ ،‬فسجل التاريخ‬
                                         ‫«رحمنن‪ /‬الرح َمن»‪ ،‬و»ذي‬                          ‫اليماني كما شهد نشوء وارتقاء‬
      ‫في انهيار مؤسسات الدولة‪،‬‬        ‫سماوي» إله الأرض والسماء‪،‬‬                         ‫وانحسار حضارات كبيرة أسهمت‬
  ‫وعدم قدرتها على فرض هيبتها‬           ‫وهي أديان انتشرت في اليمن‬                            ‫في إثراء الموروث البشري‪ ،‬إلا‬
   ‫الأمنية‪ ،‬والقضائية‪ ،‬وما يترتب‬     ‫والجزيرة العربية قبل الإسلام‪،‬‬                          ‫أنه شهد أي ًضا جغرافيا طاردة‬
  ‫عليه من شلل الحاكمية‪ ،‬وانهيار‬                                                          ‫للسكان‪ ،‬دفعتهم قلة موارد المياه‪،‬‬
‫النظام والقانون‪ ،‬وانتشار الفساد‪،‬‬          ‫كذلك تبنت الممالك المختلفة‬                      ‫ومحدودية الأرض‪ ،‬إلى الخروج‬
 ‫والعصابات‪ ،‬والفوضى‪ ،‬وتعرض‬            ‫الديانتين اليهودية والمسيحية‪.‬‬                       ‫من اليمن ليعمروا الأرض شر ًقا‬
   ‫أصول الدولة للتدمير والنهب‪،‬‬        ‫حتى جاء الإسلام فدخله أبناء‬                            ‫وغر ًبا‪ ،‬جغرافيا عنيفة كعنف‬
                                                                                         ‫الإنسان الذي تقول عنه دراسات‬
          ‫وأخي ًرا هروب العقول‪.‬‬         ‫اليمن عن وعي وإيمان برب‬
   ‫ومن خلال التجارب التاريخية‬           ‫السماوات والأرض‪ ،‬ولكنهم‬
  ‫تقف الصومال نموذ ًجا صار ًخا‬     ‫جاؤوا إلى الإسلام مفرقين أشتا ًتا‬
‫لفشل الدولة في منطقتنا‪ ،‬وسيطرة‬        ‫أشتا ًتا‪ ،‬حتى يقال إن الرسول‬
                                     ‫استقبل أكثر من ‪ ٢١‬وف ًدا يمانيًّا‬
                                   ‫من مختلف مناطق اليمن وقبائلها‬
                                      ‫لدخول الدين الجديد‪ .‬كان أهل‬
   241   242   243   244   245   246   247   248   249   250   251