Page 250 - m
P. 250

‫العـدد ‪55‬‬                            ‫‪248‬‬

                                    ‫يوليو ‪٢٠٢3‬‬

      ‫وجاءت المناورات العسكرية‬            ‫إلا أن الرئيس هادي لم يبق‬           ‫يكون أبي َض‪ .‬استغل الحوثي‬
‫الحوثية في بداية مارس ‪ ٢٠١٥‬في‬        ‫مكتوف الأيدي‪ ،‬ولم يأ ُل جه ًدا في‬   ‫ثورة التغيير ولبس عباءة مكافحة‬
                                      ‫شرح أخطار التوسعية الإيرانية‬         ‫الفساد‪ ،‬وقاد في منتصف ‪٢٠١٤‬‬
   ‫منطقة البقع في صعدة المحاذية‬     ‫في اليمن عبر ميليشياتها الحوثية‪،‬‬
   ‫للأراضي السعودية‪ ،‬بمشاركة‬                                                    ‫الحشود للتنديد بالحكومة‬
    ‫الآلاف من المقاتلين الحوثيين‬           ‫وتهديدها للأمن الإقليمي‪،‬‬                             ‫وفشلها‪.‬‬
‫وبكافة أنواع الأسلحة الثقيلة التي‬       ‫وسيطرتها على ممرات الملاحة‬
‫استولوا عليها من الجيش اليمني‪،‬‬          ‫الدولية في خليج عدن وجنوب‬            ‫أعطى بنعمر والدائرة المحيطة‬
  ‫وبمشاركة قيادات حوثية مدربة‬          ‫البحر الأحمر‪ ،‬مما يعني تحكم‬         ‫بالرئيس حينها الانطباع لهادي‬
 ‫في معسكرات حزب الله في لبنان‪،‬‬          ‫إيران بعصب التجارة الدولية‬         ‫بأن الأمور تحت السيطرة‪ ،‬وأن‬
 ‫رافعين شعارات «قادمين يا مكة‬          ‫في مضيقي هرمز وباب المندب‪.‬‬         ‫مجلس الأمن سيقف داع ًما له في‬
    ‫في الطريق إلى تحرير الأقصى‬          ‫وأتذكر أنه كان يكرر دائ ًما أن‬      ‫وجه أي تمرد داخلي‪ ،‬فأسكرته‬
‫من سيطرة اليهود»‪ ،‬لتدق ناقوس‬         ‫إيران لا تحتاج للقنبلة النووية إذا‬     ‫نشوة البقاء في السلطة بعصى‬
                                    ‫هي أحكمت سيطرتها على مضيقي‬              ‫الخارج‪ .‬ولم يأت آخر العام إلا‬
                        ‫الخطر‪.‬‬
                                                 ‫هرمز‪ ،‬وباب المندب‪.‬‬           ‫وقد استكمل الحوثي انتشار‬
         ‫***‬                        ‫تكررت رسالة الرئيس هادي حول‬           ‫ميليشياته داخل العاصمة‪ ،‬وو َّقع‬

      ‫في الأيام القليلة التي قضاها‬     ‫الخطر الإيراني المحدق للزعماء‬        ‫مع الرئيس هادي اتفاق السلم‬
‫الرئيس هادي في عدن‪ ،‬كان الفشل‬            ‫الغربيين‪ ،‬خلال أول جولة له‬          ‫والشراكة برعاية جمال بنعمر‬
‫يطارده حتى في حمايته الشخصية‬                                                  ‫ليصبح الرئيس هادي رئي ًسا‬
 ‫ومن دائرته القريبة التي يفترض‬        ‫في أوروبا وأمريكا والتي ختمها‬         ‫صور ًّيا لليمن‪ .‬استفاق الرئيس‬
‫أن تكون سنده‪ ،‬وفشلت جهوده في‬           ‫بزيارة الملك عبد الله في جده في‬   ‫هادي على طامة كبرى‪ ،‬وهنا بدأت‬
‫تأمين السيطرة العسكرية والأمنية‬       ‫‪ ،٢٠١٢‬وكرر الرئيس هادي على‬
                                       ‫مسامع العاهل السعودي ردود‬                                ‫المشكلة‪.‬‬
     ‫على المنطقة‪ ،‬ودعواته المتكررة‬  ‫أفعال القادة الغربيين خلال جولته‬         ‫كان الفشل هو العنوان الأكبر‬
    ‫لمسؤولي الدولة للانضمام إليه‬      ‫لنيويورك‪ ،‬وواشنطن‪ ،‬وفرنسا‪،‬‬             ‫لمرحلة رئاسة هادي القصيرة‬
    ‫في عدن وتفعيل دور الحكومة‪.‬‬                                               ‫في صنعاء‪ ،‬وكان يعلق أسباب‬
   ‫وكأن لسان حالهم يقول‪ :‬البقاء‬          ‫وألمانيا‪ ،‬وبلجيكا‪ ،‬حول خطر‬       ‫فشله على شماعة صالح باعتباره‬
                                         ‫التوسعية الإيرانية في المنطقة‬    ‫الحاكم الفعلي‪ ،‬وأنه لم يتمكن من‬
       ‫في المساحة الضبابية أحوط‬          ‫وزعزعة الأمن الإقليمي‪ .‬وفي‬      ‫السيطرة على الأوضاع الداخلية في‬
 ‫ريثما يتبين من يكون المنتصر في‬      ‫الحقيقة قاد الرئيس هادي مرحلة‬       ‫اليمن بحكم أنه قادم من الجنوب‪،‬‬
   ‫النهاية‪ .‬ومع قرب إحكام قبضة‬        ‫انتقال مستحيلة‪ ،‬شرح شخصيًّا‬        ‫ومن خارج منطقة القبائل الزيدية‬
‫الحوثيين وصالح على عدن‪ ،‬أفضت‬             ‫أبرز سماتها في خطابه عقب‬           ‫الحاكمة في شمال اليمن‪ ،‬إلا أن‬
‫مشاورات الرئيس هادي مع دائرة‬           ‫التنصيب‪ ،‬من أن الطرق العامة‬           ‫فشل الرئيس هادي طال حتى‬
                                    ‫التي تربط المحافظات اليمنية كانت‬         ‫المحافظات الجنوبية التي جاء‬
    ‫مستشاريه القريبة إلى القناعة‬       ‫مغلقة بفعل التقطعات‪ ،‬وخطوط‬
  ‫بكتابة رسائل مناشدة عاجلة إلى‬          ‫النفط والكهرباء معطلة بفعل‬            ‫منها‪ .‬وانكب الرئيس هادي‬
                                        ‫المخربين‪ ،‬والأوضاع المعيشية‬       ‫بشكل يومي على متابعة ترتيبات‬
    ‫قادة الدول العربية‪ ،‬وإلى قادة‬
 ‫دول مجلس التعاون لدول الخليج‬               ‫صعبة‪ ،‬والنشاط التجاري‬            ‫الحوار الوطني‪ ،‬واستمرأ لعب‬
‫العربية‪ ،‬والتي قمت في ‪ ٢٤‬مارس‬                      ‫والصناعي مجمد‪.‬‬        ‫دور رجل التغيير‪ ،‬الذي كان يرى‬

    ‫‪ ٢٠١٥‬بنقلها إلى مجلس الأمن‬           ‫كانت الرسائل تصل الرياض‬            ‫فيه وسيلته للبقاء في الحكم‪ ،‬ما‬
  ‫بصفتي مندوب اليمن الدائم لدى‬         ‫تبا ًعا‪ ،‬ويتزايد القلق في أوساط‬   ‫وفر غطاء لتمدد المشروع الحوثي‬
‫الأمم المتحدة في نيويورك في حينه‪.‬‬      ‫صناع القرار في الجارة الغنية‪.‬‬
                                                                            ‫في اليمن نظ ًرا للانفلات الأمني‬
                                                                                                ‫الشامل‪.‬‬
   245   246   247   248   249   250   251   252   253   254   255