Page 254 - m
P. 254

‫العـدد ‪55‬‬                           ‫‪252‬‬

                                    ‫يوليو ‪٢٠٢3‬‬

 ‫في ‪ ٧‬ابريل ‪ ٢٠٢٢‬لثمان فصائل‬             ‫نزيف الدم‪ ،‬وتغليب مصلحة‬          ‫مقاتل‪ .‬وفي الحقيقة فإن الأعداد‬
  ‫لا جامع بينها سوى الاختلاف‪،‬‬         ‫الشعب اليمني على أطماع إيران‬      ‫الكبيرة من المقاتلين الذين دربتهم‬
                                                                         ‫الإمارات كانوا ولا يزالون عصب‬
       ‫والتمترس خلف الأجندات‬             ‫التوسعية‪ .‬وبإعلان توافقات‬
    ‫الضيقة‪ ،‬يلقي بعضهم باللوم‬       ‫مؤتمر الرياض ‪ ٢‬والذي التأم بعد‬         ‫مشروع انفصال جنوب اليمن‪.‬‬
  ‫على بعضهم لتزداد عم ًقا المأساة‬    ‫أيام من إعلان المبادرة السعودية‬       ‫وللأمانة التاريخية فقد سنحت‬
                                                                           ‫لي في ‪ ٢٠‬أكتوبر ‪ ٢٠١٦‬فرصة‬
      ‫اليمنية‪ ،‬فيما يتربص عميل‬            ‫في السابع من أبريل‪ ،‬حينما‬
      ‫المشروع التوسعي الإيراني‬           ‫تمت إزاحة الرئيس هادي في‬               ‫الحديث مع اللواء المتقاعد‬
‫منتظ ًرا سقوط تفاحة نيوتن ليديه‬      ‫محاولة لضخ الدم في حال الموت‬              ‫في الجيش الأسترالي مارك‬
    ‫حسب وعد سادته في طهران‪،‬‬             ‫السريري الذي أصاب شركاء‬          ‫هندمارش‪ ،‬قائد الحرس الرئاسي‬
    ‫ليفرح بنهشها وهو يقف على‬          ‫التحالف اليمنيين‪ ،‬وفشل هادي‬           ‫بدولة الإمارات‪ ،‬والذي قال إن‬
      ‫أشلاء شعب مقتول وجائع‬                                                ‫مهمة الجيش الإماراتي في عدن‬
   ‫ومشرد‪ ،‬ووطن سليب‪ ،‬بعد أن‬                ‫في ملفي الحرب والسلام‪.‬‬           ‫تلخصت في الإمداد العسكري‬
‫قتل نصف مليون يمني في طريقه‬          ‫كان الرئيس هادي يؤمن بنظرية‬         ‫واللوجستي لدعم مقاتلي المقاومة‬
   ‫لتحقيق حلم خميني في هزيمة‬         ‫نيوتن وحتمية سقوط التفاحة في‬        ‫العدنية‪ ،‬وإن المهمة لم تكن صعبة‬
     ‫السعودية ودخول الأراضي‬         ‫يديه‪ ،‬عاج ًل ام آج ًل‪ ،‬بحسب وعد‬     ‫نظ ًرا لوجود الروح القتالية العالية‬
                                     ‫الأشقاء كما كان يكرر دائ ًما‪ ،‬وما‬      ‫للمقاومة العدنية‪ ،‬ورغبتهم في‬
                       ‫المقدسة‪.‬‬      ‫عليه إلا أن ينتظر أن تمر التفاحة‬     ‫تحرير مدينتهم‪ ،‬وتناول الحديث‬
    ‫وفي الحقيقة لا يمتلك الحوثي‬                                         ‫تقسيم مسرح العمليات العسكرية‬
    ‫مشرو ًعا وطنيًّا‪ ،‬ولا يحكم في‬         ‫بمخاض النشوء والارتقاء‪،‬‬           ‫في اليمن بين الإمارات جنو ًبا‪،‬‬
     ‫صنعاء إلا عبر أمراء الحرب‪،‬‬       ‫حتى إذا ما نضجت وآن قطافها‬           ‫والسعودية شما ًل‪ ،‬مع التعاون‬
   ‫بالرعب والحديد والنار‪ ،‬باسم‬       ‫ستغادر الغصن ليتلقاها وهو في‬              ‫والتكامل بينهما‪ .‬ولم يذكر‬
     ‫السيد القائد‪ ،‬الزعيم الغائب‪.‬‬                                       ‫تفاصيل ظهرت لاح ًقا‪ ،‬عن الاتفاق‬
                                           ‫استراحته مطمئنًا‪ ،‬منكفئًا‪.‬‬         ‫السري الذي تم مع الحرس‬
       ‫إنه مشروع لأمراء الحرب‬         ‫ورث هادي حكم الدولة الفاشلة‬       ‫الجمهوري الذي انسحب من عدن‬
    ‫والعصابات يتقاتلون من أجل‬                                               ‫تار ًكا الحوثي ليواجه مصيره‬
  ‫النهب‪ ،‬وتمتلئ صفحات التاريخ‬            ‫وأورثها لمن جاؤوا من بعده‬         ‫الدموي بيد مقاومة أبناء عدن‪.‬‬
  ‫العربي والإسلامي بالكثير منها‬         ‫بمزيد من الفشل‪ ،‬وربما كان‬
‫كلما تفشل الدول في أداء وظائفها‪،‬‬      ‫أقسى ما سمعته في حياتي‪ ،‬تلك‬                ‫***‬
‫في تكرار لمتوالية انقضاض الرعاع‬        ‫الكلمات التي تقطع نياط القلب‬
 ‫على السلطة والغوص في مغانمها‬           ‫التي قالها الفريق على محسن‬      ‫مع بداية ‪ ٢٠٢٢‬بدا جليًّا في مركز‬
                                          ‫الأحمر‪ ،‬حينما كنا ذات يوم‬        ‫القرار في الرياض‪ ،‬بأن المسرح‬
      ‫وملذاتها‪ ،‬فيما تتكرر دورة‬      ‫مجتمعين في جناح نائب الرئيس‬
‫السقوط والفشل واجترار سلسال‬          ‫ونحن نناقش موضوعات متصلة‬           ‫بات جاه ًزا لنهاية الحرب اليمنية‪،‬‬
                                    ‫بمفاوضات السلام‪ ،‬وحينما احتد‬          ‫وهي في الواقع أرضية مستنقع‬
    ‫الدم الذي يتغذى بالأسطورة‬          ‫النقاش ولم يصل الاجتماع إلى‬        ‫شديد الوعورة صعبة الخوض‪،‬‬
  ‫الدينية‪ ،‬والحق الإلهي‪ ،‬والمغالاة‬  ‫شيء ملموس‪ ،‬قال بصوت حكيم‪:‬‬             ‫وكانت البداية بإعلان السعودية‬
                                    ‫«انظروا أين آلت بناء الأمور بفعل‬
                  ‫في الخصومة‪.‬‬         ‫سفسطتكم‪ ،‬وقالها بلهجة يمنية‬        ‫مبادرتها في مارس ‪ ٢٠٢٢‬لإنهاء‬
     ‫في آخر زيارة لي لصنعاء‪ ،‬في‬      ‫(بعسستكم)‪ ،‬وهو يشير إلى علم‬          ‫الأزمة اليمنية والتوصل إلى حل‬
    ‫يناير ‪ ،٢٠١٥‬كنت أرى بش ًرا‪،‬‬         ‫دولة الوحدة المرفوع في فندق‬        ‫سياسي شامل في اليمن‪ ،‬داعية‬
                                       ‫خارج الوطن‪ .‬انظروا أين صار‬         ‫الأطراف اليمنية لقبولها‪ ،‬ووقف‬
       ‫أخوة لي في الوطن لم اعتد‬
   ‫رؤيتهم‪ ،‬كانوا يشبهون طالبان‬                   ‫علمكم الجمهوري»‪.‬‬
                                       ‫هكذا تم توريث «فشل الدولة»‬
     ‫الأولى وهي تدخل كابول في‬
        ‫‪ ،١٩٩٦‬كذلك رأيتهم وهم‬
   249   250   251   252   253   254   255   256   257   258   259