Page 259 - m
P. 259
257 ثقافات وفنون
فنون
سناء الجمالي أعماري جاستون باشلار يمكن رصدها من خلال تفاعل
المواد تحت تأثير الحرارة فيها،
إلى مركز وجوهر قد لا يعبر المادة وسبر أغوارها ،وعرضها بغية تحوير الخامات وتحويلها
أحيا ًنا عن نوازع نفسية أو في تجارب تستبعد الثوابت والقيم كي تعيد تشكيل ذاتها بذاتها في
ضرورة داخلية ،إلا ما شاءت صياغة جديدة ،بما يدفع نحو
الخزافة أن تحوله إلى تأمل الجمالية الكلاسيكية ،وتستقرئ
وتجربة وتعبير تحدث خل ًل على الذات في مرآة مادة تروم أن تواصل بالحواس والفكر.
ولا تخضع تجربة «الصرخة»
مستوى المكان والزمن. تصبح أكثر تعبيرية عن بواطن عند الخزافة إلى المنهج المتفق
وجوه «تعزف» صرخة بمثابة الخ َّزاف الذاتية ،وترصد خواصه عليه ،بل سعت لتصديع أسسه،
وخلخلة ثوابته ،كي تلج لممكنات
نغمة تنتشر أصواتها داخل وانطباعاته الإيحائية وال ُحبلى التحول التي تربط بين الذاتي
أزقة روح باطنية ،لا أحد يقدر بكثير من الرؤى والاستنباطات والموضوعي ،وتجلى هذا التزاوج
أن يمسك أطرافها ،هي سلسلة الواعية بضرورة تحرير الخامة
ُتشغل الجزء التفاعلي بالذات، والالتقاء مباشرة مع المادة،
والذي يتجه نحو الخلق والتجديد في سياق ينم عن حالة من فتندمج فيها كليًّا أو جزئيًّا،
بوجود ميزة إدراكية مزدوجة ،إنه استبطان ..حالة خ َّلقة من الوعي وتصير «الصرخة الترابية» قاس ًما
البحث عن أمكنة سوريالية يقطنها بين عديد الفضاءات والأزمنة
الخيال ،تنتهي فيها الكلمة وتعود بالوجود كمصدر من مصادر بحثًا عن مناهج التعبيرية التي
البحث انطلا ًقا من كونية مادة تربط بين الأرض والممارسة في
فيها الخزافة مراهقة طفولية الطين التي لا يمكن تجاهلها ،مما اختيار المواد وطرق توظيفها
تصبح هي نفسها إستراتيجية سمح بتمظهر الوعي الباطني وصياغتها ،أو تفعيلها كخواص
ووقع تحويل صبغته إلى جوهر لونية وإبصارات فيزيائية ،حتى
إبداع. ذاتي يلتحم بذاتية المادة كمصدر تعبر المبدعة بالمادة من حيث هي
تستحي خامة الطين إلى صرخة من مصادر التعبير عنه ،بصيغ وسيلة إلى حيث هي غاية ،لأن
مختلفة من الأشكال التي تتجرد هذه الغائية هي تجاوز لفكرة
حقيقية ..الخزافة والمادة الرغبة في مجرد الممارسة ،بل
واحد ..إنها سبيل إلى إدراك من كل غائية ،إلا من المادة هي تحول الأفكار إلى موجودات
كموضوع ،والذي تتحول وفقه حسيَّة ..إنها إلحاح الضرورة
التي تهب المادة وض ًعا مرئيًّا
جدي ًدا ،وتحيل البحث فيها إلى
بحث في الذاتية وجواهر الأشياء
التي لا يمكن التعبير عنها إلا
بالأشياء ذاتها ..هي الجواهر
التي تتجاوز ال ُهوة الفاصلة بين
ذاتية الفنان و»ذاتية المادة» ،التي
تثير فضولنا وتحول المواقف إلى
مرئيات وأشكال تستوعب تجربة
مباشرة تتداخل فيها المادة مع
الادراكات الحسية ،بما يحيط
ذات الخزافة برغبة الولوج داخل