Page 263 - m
P. 263
261 ثقافات وفنون
فنون
الأرض وقد ترددت فيها أساليب أشياء بطابع مركب من طين ،ومن جمو ًحا وحدة ولا صلابة أو لينًا
تحدي قدر جمود الخامة ،وكان غيره .ساهم المكان في خلق فضاء من صرخات تبدو صامتة ،بيد
«الانتقام» بأنامل الخزافة «سناء أن هذا الصمت يخرج عن الأطر
الجمالي أعماري» ،وقد تجاوزت إدراكي مكن من تعزيز الوعي المتعارف عليها للمكان .وهي
صرخات الطين نحو نفحات منه.. البصري ،وإنشاء حوا ٍر ينسجم ليست مجرد علامات بصرية
لندقق جي ًدا .صخب وهجيع ،لا تلتقطها العين بالنظر للون
شيء في الطبيعة ُولد ساكنًا ،هكذا فيه المتلقي مع المثير الخزفي
بشيء من التفاعل والانفتاح .فلا وحركة المادة ،بل يلوح تكامل بين
أرادت الفنانة أن تعيد ترتيب نستطيع أن نتجاهل دور الطبيعة الأسياخ والطين بمنزلة الكلمة
حركات وسكنات مادة غفل والتعبير على مختلف المسارات،
عصية على الإذعان .ولا شيء في تركيب المعنى ،لتكون بوابة بما يغير هوية المكان ويحرر
كذلك ُولد مبتس ًما ..فحتى تلك حركة متغيرة لا تقتصر فيها
الصرخة ،تنبش في التراب بحثًا المثيرات على «صرخة من طين»، الأشكال من المادي من أجل النظر
عن شيء متحرك يثير الفضول بل نتحدث عن مشروع صمت في إمكانية إيجاد خيارات أخرى،
لديها ويدفع للتأمل :أمر ما يعيد صارخ يقوم على فعل تعميق
ترتيب أولويات النظر ..ما ولد الرؤيا ،وتنويع أساليب التلقي تجعل الفضاء في خدمة مقصد
صار ًخا يحيا مبتس ًما ..فالنار لم وتحديثه بتفعيل كثافة عنصر التكامل لصور حية من لون،
الضوء ،الذي يخترق المكان ويلف
تكن أب ًدا تم ُّث ًل للجحيم ما حوله ،وهذا رغبة في اختراق وشكل ،وخامات ،ونص له أفق
كل داخل وتحريك كل ساكن، تقبلية مفتوحة ،إذ تستحي عملية
المراجع والهوامش: لأن المشرو َع انعتا ٌق وانتصا ٌر
لمنهج التشارك ،والتفاعل ،ونقل الاستحواذ على المكان والبحث
-1د.شاكر عبد الحميد ،الخيال من التجربة الوجدانية بهدف إرباك عن صيغة مساكنة له ،إلى صراع
الكهف إلى الواقع الافتراضي ،المجلس عملية التواصل بطمس مسافة
التلقي ،وما إلى ذلك من معايير مبدؤه الفعل ورد الفعل؛ ذلك
الوطني للثقافة والفنون والآداب، الاستهلاك الجبهي .وقد كانت أن زجت الخزافة بمجسماتها
الكويت.2009 ، الطبيعة أكثر من مساحة التقاء في مواجهة مخصوصة تنهض
في مكان واحد فقط ،وإنما هي على كيان «صرخة وأجسام»،
-2غاستون باشلار ،ت :غادة استمرارية في الولادة والبقاء، مؤل ًفا من جسد وفعل وإحساس،
بهلسة ،جمالية المكان ،مجد المؤسسة ويتعلق الأمر باستراتيجية ولادة
الجامعية للدراسات والتوزيع ،ط ،6 وتبادل من خلال الاشتغال على فاقتحام المكان على صخب
تطوير ملكات التملص من العوائق «صيحات طينية» ليس حد ًثا
.2006 الفيزيائية ،ووضع بنية تحتية حركيًّا مارست فيه الخزافة القوة
-3غاستون باشلار ،ت:غالب هلسا، لملامح تؤسس لعمران بشري مع الفضاء والمادة ،وإنما هو فعل
تكون الوجوه مدينته المركزية، هادف نابع من انفعالات باطنية
جماليات المكان ،المؤسسة الجامعية ومنها إلى «آلة» لإنتاج صور من تجاه الطين والمكان ،بما تتولد
للدراسات والنشر والتوزيع، عنها من أفاق مفتوحة على التمثل،
طين. وتمليه كوامن داخلية تستفزها
الحمراء ،بيروت لبنان ،ط .1984 ،2 تجاه الخامة والمكان والآخر بعبث
-4غاستون باشلار ،ت:غالب هلسا، على سبيل الخاتمة طفولي ،أو شيء ما من أحلام
جماليّات المكان ،المؤ ّسسة الجامعيّة هناك أشياء «جميلة» تلفنا؛ المراهقة.
لل ّدراسات والنّشر ،والتّوزيع، وتتلقفها صرخة طين ،تلف أعماق تشكل مفهوم «اللعبي»()5
و»المراهقة» الإبداعية أو اللعب
الحمراء ،بيروت لبنان ،ط ،1984 ،2 بالخامة ملامح منظومة تعبيرية
ص.39 تضع الخطوط العريضة لجزء
كبير من طبيعة غامرة ،تبني
-5اللعبي :سلوك إبداعي يعكس
مضمو ًنا من المرح والبهجة ،حيث
تكون المتعة أسلوبه ،وغايته استيعاب
الذات