Page 260 - m
P. 260
التواصل الخفي الذي يربط الروح لما كان للتواصل بين الخزافة والمادة
بالجسد ..كلاهما من طين. أن يحدث نو ًعا من الصراع ،ليس بين
أقطاب العمل ،وتستفز انفعالات
أوجدت الخزافة «سناء الجمالي
أعماري» حاجتها بالقيمة الحسية حميمة قصد إبداع علاقة تشكيلية تعبر
عنها ،وتروي صرا ًعا خف ًّيا أبت اللغة
في تشكيل مادة طين تغري
بالولوج إليها ،وإلى تحسس الاستجابة إلى جوهر كنهه ..بل هي
أعماقها بأشكال تتوالد ..تتكرر لغة المشكل والمادة ..علاقة سرية
فيها صرخات تنقل الحركة
الباطنية إلى حركة حسية بصرية، تجمعها بمادة الطين ،وبصرخة تراها
تعكس تجليات ممارسة تسعى إلى العين وتلامسها الروح ..إنها صرخة
بناء إيقاع متحرك من الالتقاطات متلازمة تعكس علاقة بينية كعلاقة
البصرية .تأسس هذا الإيقاع على الطين بالأديم.
تزاوج بين الخامات ،واحتضن
الطبيعة في فضائها الرحب المنفتح الكل يقيم فيها أب ًدا على حد عبارة ومعرفة إمكانات الذات ..هنالك
والمفتوح كالفيه ،مفتوح بصرخة، باشلار« :إذا سمحنا لأنفسنا طور عميق يتحقق بالتواصل
ومنفتح على ضروب مختلفة من مع المادة ..ووصمة خاصة
اللغة والتعابير في مسار مختلف بالاستغراق في أحلام يقظة الحجر تعتري الذات الفاعلة حينما
متغير؛ نتحدث عن بيانات التجديد المصقول فلن ننتهي أب ًدا»(.)2 تتحسسها وتلامسها ،أو حتى
في الخزف التونسي المعاصر. (باشلار)118 ،2006 :
نجد أن مجسمات الصرخة حينما يحتد الصراع بينهما .فتعلو
تمثل كو ًنا مص َّغ ًرا (ماء ،تراب، ولما كان للتواصل بين الخزافة صيحات الصراع وتولد صرخات
هواء ،نار) ،ولكنه كون يصرخ والمادة أن يحدث نو ًعا من
ويصرخ ،حتى يخترق الصوت البعث من معركة الوجود
الحدود ومقاييس الزمن والمكان الصراع ،ليس بين أقطاب العمل، والتواجد ..وإذا أردنا تفسير
بما يحملانه من فكرة وإحساس. وتستفز انفعالات حميمة قصد هذه العلاقة فلا حائل لنا إلا أن
فتنعتق الأشكال الخزفية من إبداع علاقة تشكيلية تعبر عنها، نتحدث عن مواجهة الخزافة لمادة
قيود التاريخ ،وتنفلت عواطف وتروي صرا ًعا خفيًّا أبت اللغة غفل ،سلسلة في تحولها إلى أداة
الذات الفاعلة من الحصر في حقبة الاستجابة إلى جوهر كنهه ..بل تواصل ،فكل فعل في المادة هو في
زمانية أو مجال مكاني معين .ها هي لغة المشكل والمادة ..علاقة حد ذاته انفعال ،وأن الانفعال هو
هنا الزمن الذاتي يقطع الحدود، سرية تجمعها بمادة الطين، جزء من تغيير النظرة إلى الذات،
وينفلت من رفوف النسيان إلى فقد بات لها أن تكون وسط
الخلود ،فينفلت المجسم بصرخاته وبصرخة تراها العين وتلامسها الخامة ،وتجعل المتقبل شري ًكا
من لحظة حلم الخزافة وطوق الروح ..إنها صرخة متلازمة وشاه ًدا على هذا الصراع ..وكأن
تاريخية التشكيل لينفتح على
مجال الحديث عن زمن التفاعل تعكس علاقة بينية كعلاقة الطين
بينها والمادة ،لينشأ حوار وتحاور بالأديم .وهي لغة التشكيل وحبل
بينهما لتفعيل بقية الفضاءات
الأخرى ،تصبح الصرخات وليدة
جملة من الصراعات البينية..