Page 262 - m
P. 262
الطينية رابطة مغايرة ،فالزمن العـدد 55 260
الذي يلزم الموجودات نهايتها إلى
الفناء ،يقلع عن سننه الوجودية يوليو ٢٠٢3 الفاصلة بين المتعة والذوق،
مع الطين الذي يغير نهجه المعهود وهذا ما يعطي القدر ة في تحويل
التواصل التي تتأجج في ذات
ليكتسب كينونة جديدة تنقله الخزافة ،وتقطن مجسماتها، أجسام الطين وصرخاتها من
من العصيان إلى الطواعية ،ومن شو ًقا لمساكنة الآخر وتو ًقا لا متعدية جامدة إلى متعدية
التمرد إلى التفاعلية ،ومن الجموح لحوار التلاقي المغير لكينونتها، ذات بعد إيحائي يكتسي قدرة
إلى الانصياع .إنها النقلة من العدم لأن المادة الطينية تلبست بالمكان على المرونة في القراءة والتأويل
المجازي إلى الوجود الحقيقي ،لأن وتشبعت بروحه و»تهضمت» والتمثيل بالخامة ،إلى التمثل فيها،
المادة الطينية كانت مجرد شيء روحانيته فمازجها ،وتشعب بكل لأرمي من خلالها إلى تطويع المادة
مادي فانتقلت إلى معنى وجودي تفاصيلها ،وترك ظلاله إن لم يكن وفرض نوع من الجبر والترويض
له الشكل والتعبير عن مضامين قد ترك هويته فيها ،وليس المكان
فحسب قرين الطين ورحمه، وف ًقا لرغبات الذاتية.
اللين والصلابة. بل الزمان رفيق وشريك ،كثي ًرا حتَّم وجو ُد المثير بما هو
فلم تكن أسياخ الحديد أكثر ما فعل في الموجودات إنسا ًنا طين وجو َد استجابة مدارها
وجما ًدا ،وفرض عليها سلطته الإقبال على المادة لتحميلها
ونواميسه ،غير أن له مع المادة جملة من الصرخات بأحاسيس
واضطرابات متباينة ،تزيدها
الألوان والخامات المضافة حدة
وتملأ فراغ السكون فيها .فتسقط
الذات انفعالاتها وأحاسيسها ،فقد
أوقع عليها الفعل حركة وأوجد
منها انفعا ًل وتفاع ًل يحاكي
البواطن .لقد ألزمت الخزافة الطين
صرا ًعا آخر ،وهو الصراع مع
بقية الفضاءات ،كفضاء الطبيعة
وربطه بحركة المادة لتعمل علة
تغيير خصوصيتها ،وربطها
بخطاب تشكيلي متنوع الأبعاد،
رغبة في استنطاق تعبيرية المكان
بهدف الولوج إلى «مقصورات
اللاوعي»( )3على حد عبارة باشلار
«وكل ما كان ارتباطها بالمكان
أكثر تأكي ًدا كلما أصبحت أوضح»
(( .)4باشلار ،1984 :ص)39
كانت الطبيعة الفضاء الآخر
الذي يحتد الصراخ فيه ،وتحضر
فيه المجسمات وأجساد الطين
تكثي ًفا للتفاعل ،بما يفتح حلقة
التشكيل وسلسلة النشأة على
أفق جديدة من القراءة والتأويل.
ولعل المكان هو ذاته حرارة