Page 255 - m
P. 255

‫‪253‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫رأي‬

  ‫وفي الملف اليمني تدرك الرياض‬              ‫هذا الخط‪ ،‬ذهبت الرياض بعي ًدا‬       ‫يتقاطرون إلى المدينة بسيارات‬
   ‫دقة معادلة تفادي السقوط في‬                 ‫للتحرر من شراكاتها الأمنية‬         ‫الدفع الرباعي (الشاص)‪ ،‬أو‬
      ‫خطأ استراتيجي بأن يمنح‬                                                    ‫يتجولون في الشوارع بثيابهم‬
    ‫الحوثي ما ليس من حقه على‬                ‫التقليدية التي كبلت قدراتها على‬
                                            ‫حماية مصالحها الحيوية العليا‪،‬‬     ‫الرثة وأحجامهم الضئيلة‪ ،‬حفاة‪،‬‬
  ‫حساب الإجماع الوطني اليمني‪،‬‬                                                 ‫شعث‪ ،‬غبر‪ ،‬وجوعى‪ ،‬يمضغون‬
 ‫في ظل غياب ائتلاف وطني يمني‬                 ‫واعتمدت انطلا ًقا من علاقاتها‬     ‫نبته القات المخدرة في صبحهم‬
‫موحد يقود السير في طريق الحل‬                  ‫الواسعة شر ًقا وغر ًبا سياسة‬   ‫وعشيهم‪ .‬كنت أراهم في تقاطعات‬
                                             ‫التقارب مع طهران‪ ،‬وانخرطت‬       ‫الطرق أطفا ًل مدججين بالأسلحة‬
    ‫المستدام في اليمن‪ .‬وبتقديري‪،‬‬            ‫في مفاوضات النيات الحسنة في‬
 ‫وهذا ما رددته مرا ًرا في مقاربتي‬          ‫بغداد‪ ،‬وعمان‪ ،‬وصو ًل إلى بكين‬        ‫يحكمون السيطرة على مداخل‬
 ‫لرؤية السلام الصعب‪ ،‬أن اليمن‬               ‫حيث تم التوقيع في العاشر من‬        ‫ومخارج عاصمة دولة الوحدة‪،‬‬
                                          ‫مارس الماضي على اتفاق للتطبيع‬      ‫فعلمت أنها النهاية‪ .‬وقبل أن تبدأ‬
     ‫ربما يحتاج في مسيرة بحثه‬             ‫مع إيران‪ ،‬ما زال ينتظر إسقاطاته‬    ‫حرب ‪ ٢٠١٥‬كان لي فرصة اللقاء‬
     ‫عن السلام لعقود ثلاث‪ ،‬من‬                                                ‫بأحد رموز الحركة الحوثية الذي‬
‫التوافقات‪ ،‬والتوازنات‪ ،‬والنهوض‬                   ‫المباشرة على الملف اليمني‪.‬‬    ‫قال لي بوضوح‪ :‬لما تستغربون‬
    ‫بعد الكبوات‪ ،‬سي ًرا فوق رماد‬           ‫وتدرك الرياض صعوبة التطبيع‬
  ‫نار متأججة‪ ،‬وتجربة الصومال‬                                                     ‫من ممارستنا لحقنا في حكم‬
 ‫الشقيق مؤشر لصعوبة تصحيح‬                     ‫مع نظام يقوم على الأسطورة‬           ‫اليمن؟ ألم يكن الحكم خلال‬
   ‫«فشل الدولة» وصنع السلام‪،‬‬                   ‫الدينية‪ ،‬والاصطفاء‪ ،‬والحق‬          ‫تاريخنا الطويل مداولة بين‬
‫وتحدي ًدا في اليمن‪ ،‬الأرض التي ما‬                 ‫الإلهي‪ ،‬ويتغذى بالعنف‪،‬‬     ‫الناس‪ ،‬ولمن غلب‪ ،‬ونحن الغالبون‬
                                                                              ‫اليوم‪ .‬كان يعني نظرية التداول‬
               ‫رأت يو ًما سلا ًما‪.‬‬          ‫ويتحصن بنشر وتصدير حالة‬           ‫العنفي للسلطة‪ ،‬الذي لم يتوقف‬
‫والمهم في هذه السانحة أن تنكسر‬                 ‫عدم الاستقرار لدول الإقليم‬         ‫يو ًما في يمننا‪ ،‬ولن يتوقف‪.‬‬

      ‫دورة العنف ويفكر الجميع‬               ‫عبر ميليشيات منتشرة في دول‬                ‫***‬
    ‫بأفضل ما يريدونه لأبنائهم‪،‬‬              ‫المنطقة‪ ،‬وتعمل وفق نظام الدفع‬
  ‫وأحفادهم‪ ،‬كيفما كان هذا الذي‬              ‫المسبق‪ .‬ولكن السعودية تراهن‬         ‫من أجل تفكيك عقدة المستنقع‬
  ‫يتطلعون إليه‪ ،‬سواء أكان وطنًا‬                                              ‫اليمني‪ ،‬وللبحث عن أفضل السبل‬
    ‫واح ًدا‪ ،‬اتحاد ًّيا‪ ،‬أو جنوبيًّا‪ ،‬أو‬      ‫على وهن وضع إيران الداخلي‬
  ‫شماليًّا‪ ،‬أو حضرميًّا‪ ،‬أو شيعيًّا‪،‬‬           ‫تحت وقع العقوبات الدولية‪،‬‬        ‫للخروج الآمن وبأقل قدر من‬
     ‫أو سنيًّا‪ ،‬أو علمانيًّا‪ ،‬ولكنني‬      ‫والرفض الشعبي الداخلي‪ ،‬وحاجة‬            ‫الخسائر الذي عملت طهران‬
     ‫على ثقة بأن الأجيال القادمة‬           ‫النظام للمساعدات العاجلة‪ .‬فهل‬     ‫وتعمل في سبيل تعظيمها وزيادة‬
  ‫ستعيد تشبثها بالوعي الجمعي‬                  ‫تهزم المصالح الإيديولوجيات‬           ‫كلفة جرحها الموجع‪ ،‬عملت‬
  ‫للأمة مثلما كان شعار الجنوب‬                                                   ‫المملكة على محاورة الحوثيين‬
 ‫الاشتراكي المستقل من بريطانيا‪:‬‬                                 ‫الراسخة؟‬      ‫في جولات امتدت منذ مشاورات‬
    ‫«لنناضل من أجل الدفاع عن‬                    ‫كما أن الخطاب الرسمي في‬         ‫الكويت ‪ ،٢٠١٦‬وتواصلت عبر‬
    ‫الثورة اليمنية‪ ،‬وتنفيذ الخطة‬             ‫طهران لا يتحدث عن ممارسة‬             ‫سلطنة ُعمان‪ ،‬الدولة الجارة‬
                                           ‫ضغوطات على أتباعها في اليمن‪،‬‬            ‫التي تمتلك خطوط تواصل‬
       ‫الخمسية‪ ،‬وتحقيق الوحدة‬             ‫بل تتناول موضوع الحل اليمني‪،‬‬            ‫مع جميع الأطراف‪ ،‬وصو ًل‬
   ‫اليمنية»‪ .‬حتما سنعود دورتنا‬            ‫وهي تدرك أنها أعدت ميليشياتها‬           ‫إلى مباحثات الوفد المشترك‬
    ‫الأولى نحن «معشر يمانون»‪،‬‬                ‫في اليمن لمعركة طويلة النفس‪،‬‬     ‫السعودي العماني في صنعاء في‬
 ‫لنجمع أشتات سبأ‪ ،‬وذي ريدان‪،‬‬                ‫وأعدت مستضعفيها في الأرض‬            ‫بداية أبريل الماضي‪ .‬وبموازاة‬
 ‫وحضرموت‪ ،‬ويمنات‪ ،‬وأعرابهم‬                 ‫اليمنية بما يلزم من المدد لمعركة‬
                                              ‫يحسبون انها ستوصلهم إلى‬
            ‫في السهول والتهائم‬             ‫تركيع السعودية والتهامها مثلما‬
                                              ‫فعلوا بالعراق ولبنان واليمن‪.‬‬
   250   251   252   253   254   255   256   257   258   259   260