Page 12 - merit el-thaqafia 38 feb 2022
P. 12
العـدد 38 10
فبراير ٢٠٢2
نصنف ما عرف بسجع الكهان وفن الخطابة(،)6 -2
الأدق أن تكون استحدثت أشكا ًل مختلفة وجديدة
ناتجة عن تغير العصور وأماكن الخلافة الإسلامية حاول فاجنر بداية أن يبرز للقارىء العربي
والغربي موقفه من الشعر القديم ليبني جس ًرا
واتصالها بحضارات مختلفة ،أما كون الشعر
القديم يعتمد على الخرافة والأساطير فهذا حكم آمنًا بينه وبين المتلقي ،عبر مناقشة بعض
فيه تعميم بالغ يتنافي ومنهجية البحث العلمي، الموضوعات الشائكة التي أثارت جد ًل في كتابات
وكونه يفتقد إلى الشكل الدرامي الملحمي ذلك لأن بعض المستشرقين السابقين عليه ،لكنه -في الوقت
فاجنر يقارنه بما ُق ِّدم في التراث اليوناني ،ويكرر نفسه -استهل نقاشه المجمل بعبارات افتتاحية
ما طرحه بعض المستشرقين قبله وتم الرد عليهم،
ويفترض أنه ينتمي إلى مدرسة ألمانية حديثة ،وإن لاثنين من المستشرقين اللذين ُو ِص َفا من قبل
أراد الإنصاف لعاد إلى المجموعات الشعرية القديمة الباحثين العرب بأنهما من أكثر المستشرقين
التي يكثر فيها القصائد الطويلة ،ويتلمس بنفسه تع ُّصبًا بشهادة مؤلفاتهم وهما :السير وليم موير
النزعة الدرامية في قصائدها ،ومنها المفضليات على الاسكتلندي الأصل ،والألماني تيودور نولدكه ،هذا
سبيل المثال ،وما علاقة تحريم الموسيقي وتطور فن الاستهلال قد يثير علامات استفهام لدي المتلقي
العمارة بكون الشعر أسبق من النثر ،أو أنه خير لن يتعرف على أجوبتها إلا من بعد القراءة المتأنية
لأطروحة فاجنر ،وتفكيك خطابه الذي أدرج من
ممثل للثقافة العربية القديمة؟! قبل أكثر من باحث عربي تحت عبارات تفيد أنه
الحقيقة أن افتتاحية الكتاب ومنهجية مناقشة بعض من المستشرقين الذين أفادوا العربية ،وانتقلوا من
جهة التعصب الموجودة في الاستشراق القديم إلى
الآراء في فصوله الأولى تجعلنا نتحرى التأني في الحيادية والموضوعية بوصفه يمثل جي ًل أحدث
تلقي قابل ما يصدر عنه من أحكام. مقرو ًنا بشكل مستمر إلى ريناته يعقوبي كما
وفي مقابل أن الشعر العربي القديم هو الإبداع أسلفت(.)5
العربي المحض؛ يري فاجنر أن الأوربيين لم يستهل فاجنر كتابه بالحديث عن تاريخ البحث
والوضع البحثي في الشعر القديم ،وأبرز تفهمه أن
يقاسموا العرب تقديرهم للشعر ،مما أثر بالسلب الشعر القديم هو قمة ثقافة العرب ،معد ًدا الأسباب
على تاريخ البحث لديهم ،وقد بدأ الاهتمام به بعد
التي أدت إلى ذلك ،لكنه يعرضها لنا في شكل
تحرير عصر النهضة الدراسات الشرقية من نتائج مسلم بها في بداية الفصل الأول من كتابه،
قيود اللاهوت ،فعرفت الترجمات الشرقية طريقها ومنها :أن النثر الأدبي لدي العرب لم يتشكل إلا في
للجمهور الغربي وأثرت فيه ،ويضرب بعض الأمثلة العصر العباسي المبكر ،وأن الشعر القديم يفتقد إلى
مثل أثر المعلقات التي ترجمها السير وليم جونز في النزعة الملحمية /الدرامية ،وأنه اعتمد على الخرافة
جوته ،فض ًل عن ترجمات فريدريش روكرت الذي والأساطير ،وأن التصارع الذي ظهر لتحريم الرسم
وصفت ترجماته بأنها استطاعت أن تنقل جوهر والتصوير قد حال بين العرب والتقدم في هذه
الشعر الشرقي بإدراك وسيطرة متفردة إلى أبيات الفنون ،ورغم ذلك برعوا في فن العمارة ومارسوا
ألمانية. حريتهم لوقوعهم تحت تأثير أجنبي ،أما الشعر
يؤكد فاجنر أنه حدث تحول كبير في منهج الدراسة فهو إنتاجهم الأصيل.
بعد ذلك ،لأنه تطلب معايير فيلولوجية شديدة بالفعل الشعر العربي القديم إنتاج أصيل للعرب،
الصرامة لفهم الشعر فه ًما صحي ًحا ،وبالأحرى لكن ما علاقة ذلك بما طرحه فاجنر من أسباب أدت
دراسة المحيط التاريخي والاجتماعي والثقافي أي ًضا
الذي نشأت فيه القصائد ،ودون ذلك يظل الباحث لازدهاره؟!
بعي ًدا عن الفهم الحقيقي للشعر العربي القديم ،وأن فالنثر العربي فن قديم ومستقل ،ولا صحة لقول
إنجاز هذه المادة استغرق قر ًنا تقريبًا ،وذكر أي ًضا فاجنر إنه لم يتشكل إلا في العصر العباسي ،وأين
على لسان بعض المستشرقين منهم بلوخ وجورج