Page 47 - merit el-thaqafia 38 feb 2022
P. 47

‫‪45‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫رؤى نقدية‬

                                                       ‫شريف هاشم الزميلي‬

                                                                          ‫(العراق)‬

                   ‫أسطرة الغواية‬

    ‫في غواية الأسطورة‬

     ‫المفكر الناقد والباحث ناجح المعموري حين يتصدى إلى ما في الشرق‬
      ‫من حضارات فإنه يرصدها بعين الخبير‪ ،‬العارف بما يشتبك منها مع‬
       ‫الأساطير‪ ،‬ومنها ما ينفتح عليها بما يخلق من أجواء ساحرة برائحة‬
    ‫التاريخ متناغمة مع ﺁفاق المستقبل‪ ،‬فالمعموري «حاول رصد التحولات‬
    ‫الثقافية في فكر حضارات الشرق القديمة متصد ًيا إلى تقديم قراءات عن‬
      ‫السرديات السلالية الكبرى‪ ..‬فض ًل عن الأساطير والملاحم في مختلف‬
    ‫حقبات التاريخ اللاحقة‪ ..‬وانزياحات تلك الأساطير في مجمل منظوماتنا‬

                                                     ‫الثقافية والاجتماعية‪.‬‬

  ‫على الموروث الشعبي‪ ،‬والأساطير‪ ،‬والمحاور الأدبية‬         ‫أن يكتب الأديب والمؤرخ أحمد الناجي عن المفكر‬
 ‫والنقدية والمثيولوجية‪ ،‬ولن أقول انتهاء إلى الاشتغال‬
                                                              ‫والباحث البارز ناجح المعموري‪ ،‬ذلك يعني أن‬
       ‫الفكري‪ ،‬فأنا على يقين أننا بانتظار اْن يطالعنا‬   ‫يستحضر المشهد الثقافي لأكثر من نصف قرن‪ ،‬وأن‬
‫المعموري بالمائز من الأعمال‪ ،‬فهو لن يكف عن التفكير‬
                                                          ‫يتبين القامات الشامخة التي أرست قواعد رصينة‬
     ‫بإغناء المشهد الثقافي بما يبتكره من إبداع فريد‪.‬‬   ‫للإبداع‪ ،‬وفي طليعتها المعموري بسعة اطلاعه‪ ،‬وتنوع‬
    ‫وكتاب (ناجح المعموري غواية الأسطورة وسحر‬
 ‫الكلام) للأديب والمؤرخ أحمد الناجي‪ ،‬النافذة الأكثر‬                                    ‫منتجه الإبداعي‪.‬‬
                                                        ‫حرص الناجي على البحث والتقصي في كتابه (ناجح‬
      ‫اتسا ًعا‪ ،‬وقد استحضرها كي يطل منها القارئ‬        ‫المعموري غواية الأسطورة وسحر الكلام) لتشخيص‬
     ‫على فضاءات سيرة مبدع فريد في عطائه الأدبي‬         ‫العتبات الأولى لتشكيل قامة إبداع مميزة‪ ،‬وبيان البيئة‬
      ‫والإنساني‪ ،‬فضاءات لها خصوصيتها‪ ،‬منها ما‬
     ‫احتضن المعموري‪ ،‬وأخرى ما أطلق منها أسراب‬               ‫التي أخذت من ًحى أسطور ًّيا في عرضها‪ ،‬وتحليل‬
 ‫حمائم إبداعه‪ ،‬أسرا ًبا هي بعض ما اجترحته مخيلته‬         ‫مسميات أبرز مثاباتها‪ ،‬قرية (عنانة) التي احتضنت‬
  ‫الفطرية لإبهار المتلقي بأسطرة غوايته التي تناولها‬     ‫المعموري حيث يشير الناجي إلى أن «هناك من يذهب‬

                       ‫الناجي‪ ،‬عبر ثمانية فصول‪.‬‬           ‫إلى أن تسميتها مستمدة من اسم الإلهة السومرية‬
    ‫ولنتوقف قلي ًل عند مفردة (غواية) التي تصدرت‬         ‫(أنانا) وهي إلهة الحب والجمال والخصب» (ص‪)16‬‬
‫عنوان الكتاب‪ .‬قال تعالى «والشعراء يتبعهم الغاوون»‪،‬‬
     ‫قيل في تفسيره‪ :‬الغاوون الشياطين‪ ،‬وقيل أي ًضا‬            ‫وإلى رأيين ﺁخرين يتعلقان بالتاريخ الإسلامي‪.‬‬
     ‫الغاوون من الناس‪ ،‬وقال جلت قدرته «قال فبما‬              ‫ح ًّقا إنها لجرأة‪ ،‬اْن يتصدى الناجي للخوض في‬
     ‫أغويتي لأقعدن لهم صراطك المستقيم»‪ ،‬قيل فيه‬          ‫مسيرة المفكر والباحث ناجح المعموري الذي اشتغل‬
                                                            ‫على أكثر من محور ما يجعله موسوعيًّا بار ًزا في‬
                                                          ‫المشهد الثقافي العراقي والعربي‪ ،‬بد ًءا من الاشتغال‬
   42   43   44   45   46   47   48   49   50   51   52