Page 48 - merit el-thaqafia 38 feb 2022
P. 48

‫العـدد ‪38‬‬   ‫‪46‬‬

                                                        ‫فبراير ‪٢٠٢2‬‬

  ‫في الحلة سعدي علوش الذي أخذ بيدي وقدم لي كل‬             ‫قولان‪ ،‬قال بعضهم‪ :‬فبما أضللتني‪ ،‬وقال بعضهم‪:‬‬
  ‫ما يمتلك من الخيارات التي لا تزال قابعة في داخلي‪،‬‬                        ‫فبما دعوتني إلى شيء غويت»*‬
   ‫وأحيا ًنا أتعامل معها باعتبارها ذاكرة تمتلك نشا ًطا‬
‫ويقظة وحيوية‪ ..‬كما يقف ناجح بإجلال عند عدد ﺁخر‬             ‫وبحسب معتقدات الجاهليين‪ ،‬للشاعر شيطان من‬
 ‫من أساتذته‪ ..‬فيشير إلى مدرس الرسم الفنان الراحل‬        ‫الجن‪ ،‬هو الذي يلهمه الشعر‪ ،‬وعلى وفق ذلك فالغواية‬
   ‫سلمان الحمداني والشاعر التقدمي مدرس الكيمياء‬
   ‫عدنان عبد الكريم الظاهر وحسين صالح والأستاذ‬              ‫في الأسطورة تعني دعوة لاجتراح ما فيها وسبر‬
                                                                                               ‫أغوارها‪.‬‬
                   ‫حمد مدرس الفيزياء»‪( .‬ص‪)67‬‬
  ‫وفي إعدادية الحلة‪ ،‬حظي المعموري برعاية «مدرسي‬           ‫خص الناجي (النشأة والتكوين) أول فصول كتابه‬
                                                         ‫عناية فائقة دقيقة‪ ،‬قل نظيرها‪ ،‬لما لتلك النشأة وذلك‬
      ‫اللغة العربية‪ :‬محمد علي الدويجي‪ ،‬وعبد الرزاق‬
  ‫عبد الواحد‪ ،‬وخليل العاني‪ ،‬ومما يذكر عنهم دورهم‬           ‫التكوين من إرهاصات بمولد من سيكون له شأن‬
   ‫المشترك في الرعاية والتشجيع من خلال توجيهات‬            ‫كبير ومكانة رصينة في المشهد الثقافي‪« .‬ولعل أبرز‬
                                                        ‫محطات ناجح التكوينية في مرحلة الطفولة‪ ،‬هي جدته‬
     ‫سديدة‪ ..‬ولا يفوت المعموري أن يشير إلى بعض‬          ‫(والدة أمه)‪ ..‬تزورهم بفترات متباعدة‪ ..‬كانت تضفي‬
 ‫الأساتذة الذين كان لهم وقع في نفسه‪ :‬الأستاذ عزيز‬          ‫على البيت أجواء ساحرة‪ ..‬بحكاياتها التي لامست‬
 ‫كمونة مدرس الاجتماعيات والأستاذ صادق الصائغ‬               ‫عقله وروحه‪ ..‬عززت لديه الشعور بالثقة والأمان‬
                                                        ‫حينما تصحبه إلى دنيا شديدة الغنى في ما ترويه من‬
   ‫مدرس الاقتصاد والأستاذ هادي الخفاجي مدرس‬               ‫سرديات‪ ،‬لقد كانت ح ًّقا بمثابة شبابيك تقوم الجدة‬
     ‫الإنجليزية‪ ..‬أما نزعة الأدب فقد أخذت كثي ًرا من‬
                                                             ‫بفتحها‪ ،‬ويقوم ناجح بالتلصص منها على عوالم‬
 ‫اهتمام طالب الثانوية ووقته‪ ،‬صارت تأسره‪ ،‬تشاغله‬         ‫أخرى‪ ..‬صار يحلم بالبقاء وسطها‪ ،‬فهو الذي يبجلها‬
 ‫وتشغله‪ ،‬وزاد ولعه بالقراءة‪ ،‬ازداد اقترا ًبا من مكتبة‬   ‫بقوله‪ :‬صارت جدتي أ ًّما لي ومعلمة»‪( .‬ص‪)50 -49‬‬
‫ناظم البكري‪ ،‬ومن ثم في القراءة تجاوز حدود المكان»‪.‬‬      ‫ثمة شخصية لها هي الأخرى أثرها في تكوينه الثقافي‬
                                                        ‫«الاستاذ ناظم البكري ابن عمته ‪-‬هو معلمه وذاكرته‬
                                       ‫(ص‪)72‬‬
     ‫وفي أعقاب ثورة ‪ 14‬تموز كان على المعموري أن‬           ‫كما ذكر في مخطوطة (نهر الطفولة)‪ -‬أول من فتح‬
     ‫يتواصل مع معطياتها «اتجه إلى العمل السياسي‬             ‫عينيه على القراءة‪ ..‬كانت لدية مكتبة من روايات‬
   ‫بمحض إرادته مشدو ًدا إلى حلمه ومناره اليوتوبي‬
     ‫وابتدأ مشوار الإحساس بالذات عبر الخوض في‬           ‫عربية ومترجمة وكتب سياسية‪ ..‬لم يبخل في توجيهه‬
‫غمار السياسة مترج ًما إحدى رغباته إلى واقع‪ ،‬منتميًا‬        ‫والاهتمام به‪ ..‬فض ًل عن رفقة دفعته إلى اكتشاف‬
   ‫إلى صفوف الحزب الشيوعي‬
   ‫وقد نشط في خلية مكونة من‬                              ‫ما حوله‪ ،‬ومعرفة قدراته والمثابرة على تنمية مواهبه‬
  ‫بعض أبناء قرية عنانة يقودها‬                                                        ‫وصقلها»‪( .‬ص‪)58‬‬
    ‫الشخصية الوطنية المعروفة‬
     ‫الأستاذ حافظ ياسين عبود‬                                                ‫وفي مرحلة الدراسة المتوسطة‬
   ‫البراك‪ ..‬ولم تدم أفراح الثورة‬                                              ‫‪-‬في متوسطة الحلة للبنين‪-‬‬
  ‫حيث ُن ِكب البلد بانقلاب‪ .‬احمر‬                                              ‫اشتركت أكثر من شخصية‬
      ‫وجه العراق‪ ،‬واختلط الدم‬                                                 ‫في تكوين المعموري‪ ،‬مديرها‬
 ‫بالدمع في معظم أرجاء العراق»‬                                                 ‫الأستاذ عبد الحسين حبانة‪.‬‬
 ‫(ص‪ .)75 -74‬وطال المعموري‬                                                       ‫وجد فيه «الرعاية الأبوية‬
    ‫ما طال غالبية المناضلين من‬                                                ‫والمعاملة الإنسانية وأسلوبه‬
  ‫اعتقال وحصار كان لهما الأثر‬                                                        ‫التربوي»‪( .‬ص‪)65‬‬
    ‫البالغ في صلابته وثباته على‬                                                    ‫ويتحدث المعموري عن‬
                                                                               ‫شخصية ثانية‪« :‬لا يمكنني‬
                                                                              ‫إلا أن أشير إلى أثر أستاذي‬

                                                                            ‫ومعلمي الشخصية الكاريزمية‬

                                                                 ‫أحمد ناجى‬
   43   44   45   46   47   48   49   50   51   52   53