Page 76 - ميريت الثقافية- العدد رقم 22 أكتوبر 2020
P. 76

‫العـدد ‪١٩‬‬                            ‫‪74‬‬

                                                                ‫يوليو ‪٢٠٢٠‬‬

‫أحمد أبو خنيجر‬

‫اسقني واشرب‬

 ‫لها لو عاشرتها‪ ،‬هي بسرقتها لنقودك في الشارع‪،‬‬                                   ‫سأبدأ مبكرا هذه الليلة‪..‬‬
‫خلصتك من ذلك التأنيب القاسي الذي ستسقط فيه‬                    ‫يمكن للأصدقاء والأرواح أن تأتي على مهل‬
‫بعد أن تغادر سريرك‪ ،‬فقط يمكنك الآن أن تستدعي‬
                                                                        ‫يناسبها‪ ،‬لكني في شوق لأن أبدأ‪.‬‬
     ‫تلك التي تظن أنك تحبها‪ ،‬تتخيلها هناك بعيدة‬         ‫جهزت كل شيء مناسب للوحدة‪ :‬المقاعد الشاغرة‪،‬‬
  ‫وعارية‪ ،‬ربما على الضفة الأخرى من النهر‪ ،‬ترقد‬
  ‫بكتانها الملكي على حافة الماء غير آبهة بـ»سوبك»‬         ‫زجاجات البيرة المشبرة‪ ،‬أطباق الفول السوداني‬
 ‫الغادر وفكه المتلمظ للحم الطري‪ ،‬هل تسمع غنائها‬         ‫والذرة المقرمشة‪ ،‬الجبن‪ ،‬ربما كان نو ًعا أو نوعين‪،‬‬
    ‫الآن؟ تنزل الماء‪ ،‬لتبلل الكتان فيلتصق بمفاتنها‪،‬‬
   ‫تغني‪ :‬أي حبيبي‪ ،‬تعا َل وانظر إل َّي‪ ،‬لقد نزلت الماء‬      ‫كان البائع في السوبر ماركت قد غمز بعينه لما‬
  ‫من أجلك‪ ،‬انظر لخصري المتشوق لضمة ذراعك‪..‬‬               ‫سألته عن الجبن الخزين‪ ،‬نظر للكيس الذي أحمله‬

     ‫السجائر جاهزة‪ ،‬ملفوفة وعامرة‪ ،‬لكل كرسي‬                ‫معبأ بزجاجات البيرة‪ ،‬وقال بعد أن غمز بعينه‪:‬‬
‫سيجارة‪ ،‬ولي واحدة‪ ،‬والعلبة تظل مشرعة حضنها‬               ‫تريدها ناشفة؟ وببسمة متواطئة مع غمزته قلت‪:‬‬

    ‫طوال الليل‪ ،‬ماذا قالت العاهرة في الشارع؟ خذ‬                                                   ‫نعم‪.‬‬
   ‫جرعة كبيرة وصفق لها‪ ،‬ربما حبيبتك على ضفة‬                     ‫لا أفضل شرائح الفاكهة مع البيرة‪ ،‬يمكن‬
                                                            ‫للأصدقاء‪ ،‬عندما يأتون‪ ،‬أن يقوموا بتجهيزها‬
     ‫النهر تنزل الماء من أجلك‪ ،‬لا يهم تأخر الوقت‪،‬‬            ‫إن كانوا يرغبون فيها‪ ،‬فعلى كل حال‪ ،‬الفاكهة‬
          ‫فالأصدقاء دوما يتأخر موعد وصولهم‪.‬‬                 ‫مرصوصة بجوار الزجاجات التي تنتظر فض‬

   ‫كم زجاجة فتحت‪ ،‬يحزنك منظر الفاكهة المحنطة‬                                        ‫بكارتها في الثلاجة‪.‬‬
   ‫بالثلاجة دون يد تمسحها أو تربت عليها‪ ،‬ماذا؟‬          ‫مبك ًرا ووحي ًدا‪ ،‬ذلك أفضل‪ ،‬فالوحدة كفيلة بتصفية‬
   ‫الباب موارب‪ ،‬فبد ًل من أن تقوم لفتحه كلما دق‬
                                                             ‫الروح وتنقيتها من تلك الشوائب التي يخلفها‬
      ‫أحد الأصدقاء جرس الباب فالأفضل أن يظل‬             ‫الأصدقاء وراءهم‪ ،‬على الأقل هي مجهدة تريد فقط‬
‫موار ًبا‪ ،‬ينتظر دفعة يسيرة من يد الصديق ليدخل‪،‬‬
                                                                                        ‫لو ترتاح قلي ًل‪.‬‬
  ‫لكن الأرواح ‪-‬وما ألطفها‪ -‬لا تحتاج الأبواب ولا‬            ‫لا دا ٍع الأن لتذكر العاهرة التي سرقت نقودك‪،‬‬
 ‫تمنعها الجدر‪ ،‬لذا جهزت لها ركنها الوثير‪ ،‬لترتاح‬           ‫فأنت على كل حال قد ثمنت استغلالها لشهوتك‬
                                                         ‫المعطلة وكيف أنها كسبت أكثر مما كنت ستعطيه‬
   71   72   73   74   75   76   77   78   79   80   81