Page 79 - ميريت الثقافية- العدد رقم 22 أكتوبر 2020
P. 79
77 إبداع ومبدعون
قصــة
في مدخل الشركة استقبلتنا رائحة بخور وموسيقى « -وإذا لم يعجبني العرض؟».
روك صاخبة. « -لن تخسر شيئًا ..بالعكس ستحصل على أربع ليا ٍل
(في السافانا المفتوحة تصطاد اللبؤات في أسطنبول مجا ًنا ،وحرف ذهب وعشر كوبونات
في أوقات الليل) للمدام في مركز ليلة العمر للتجميل».
« -ولو كانت المدام ميتة؟»
خلف حاجز زجاجي قصير ،فتاتان ترتديان نصف
تحجيبة ،مع عدسات ملونة ،ومبا َلغة في أحمر ثقيل « -للأسف يا أفندم .العرض يشترط وجودها».
على الشفاه .كان لهما نفس قصة الشعر المصبوغ لن أخسر شيئًا إذا ذهبت إليهم في الثامنة مساء كما
بلون أصفر داكن .كأنهما «توأم» مبتذل .الشكل شبه أخبرتني هانيا .لم أفهم مغزى أن تكون زوجتي معي.
المتطابق لا ُيخفي أن الطويلة الممتلئة قلي ًل مصرية، لم أتس َّرع وأخبرها أنني لس ُت متزو ًجا .أغلق ُت الهاتف
والقصيرة فلبينية. وس َّحاب الشورت في نفس اللحظة.
كانت المصرية ترتدي تي شيرت ورد ًّيا عليه شفاه
(وهو ثابت في مكانه يفرز نبات الفك
كبيرة ج ًّدا لمادونا أو مارلين مونرو .سأل ُتها عن المفترس ..رحيًقا مثيًار ..يجتذب الطيور
«الآنسة هانيا» التي اتصلت بي صبا ًحا .أظنها تع َّمدت والسحالي والحش ارت شيًئا فشيًئا إلى أن
هز صدرها وهي تسحب التي شيرت وتقول :للأسف
تقع بنفسها بين فكيه)
غادرت في مشوار طارئ.
الفلبينية التي ترتدي تي شيرت أبيض عليه مجموعة أرسل ْت هانيا «لوكيشن» الشركة على «الواتساب».
وتمنت لي التوفيق مع أيقونة وجه أصفر مبتسم.
أفيال أمام معبد هندي ،ناولتنا ورقة لكتابة بياناتنا برج اللآلئ على شاطئ الخليج بارتفاع 50طاب ًقا،
الأولية مثل الاسم والعنوان والدخل. كان مكس ًّوا بالزجاج الأزرق المضاء لي ًل كأنه لؤلؤة
فبركت أحلام البيانات بسرعة وثقة .وبحذرها المعهود أسطورية بين السماء والأرض.
تركت خانات الدخل ومقر العمل ،خالية .اختارت كن ُت قد اتصل ُت على «أحلام» زميلتي الفلسطينية ،فهي
إسطنبول كوجهة سياحية مفضلة .رفعت عينيها
مطلقة ولديها ثلاث بنات .لنج ِّرب حظنا ،ونتقاسم
الواسعتين عن الورقة ،وأخبرتني أنها حجزت بالفعل الهدايا :سفرة أسطنبول لي ،وحرف الذهب وكوبونات
تذاكر لزيارتها مع بناتها في إجازتها السنوية. التجميل لها .لا أتو َّقع أن يسألونا عن قسيمة الزواج.
(طيور مالك الحزين تستخدم العصي في قابلتني مرتدية فستان سهرة أسود من الدانتيلا،
بناء أعشاشها ،لذلك كانت التماسيح واكتفيت أنا بقيمص أبيض على جاكيت من «زارا»
تختبئ لها تحت أكوام العصي) وبنطلون جينز كحلي .بحكم زمالتنا لسنوات ،كنا
أمامنا بخطوتين ،مضت الفتاة الفلبينية وهي تهز أقرب إلى زوجين ذاهبين إلى حفلة موسيقية.
مؤخرتها العريضة .قصر القامة يجعل المؤخرة تبدو ثمة رهبة في بهو البرج هائل الاتساع ،مع هذا
العدد الكبير من المصاعد الفضية ولمعان الإضاءة
أضخم مما هي في الحقيقة .كانت الورقة في يدها
تصدر حفي ًفا بجسدها .على الباب المفتوح ،ظهر لنا وانعكاساتها على رخام الجدران والأعمدة.
قالت قبل أن نصعد« :طالما البرج بهذه الفخامة تبقى
شاب قوي البنية ،لديه شارب خفيف ُمعت َنى به.
قوة بنيانه ورأسه المستطيل العريض ،يوحيان بأنه شركة نصابة»! قالتها ،وضحكنا.
ملاكم .جسد يصلح لمها َّم كثيرة لكنه مسجون في وصلنا إلى الطابق الثاني والثلاثين في طرفة عين.
بدلة رسمية أضيق من اللازم .كانت تفوح منه رائحة شعر ُت بدوار خفيف مع سرعة الاندفاع لأعلى .اتفقنا
عطر «هوجو» قوية بخلطة التفاح .صافحني مبتس ًما، على بعض المعلومات المشتركة .هي صيدلانية ،وأنا
مهندس ،ولدينا ثلاث بنات.