Page 84 - ميريت الثقافية- العدد رقم 22 أكتوبر 2020
P. 84

‫العـدد ‪١٩‬‬   ‫‪82‬‬

                                                        ‫يوليو ‪٢٠٢٠‬‬

                     ‫وموقفها القانوني‪ ،‬وأضاف‪:‬‬                                  ‫مقابل السفر حول العالم!‬
     ‫‪« -‬هداياكم محفوظة بالمناسبة حتى لو رفضتم‬           ‫ر ُّده خبيث! الظروف في مصر صعبة‪ ،‬لكن سهل على‬
                                                        ‫مصري يعيش في الخليج أن يضحي بأكثر من ألفي‬
                                     ‫العرض”‪.‬‬
 ‫أحسس ُت من ترتيب كلامه كأ َّن هناك مسج ًل سر ًّيا‬                  ‫دولار‪ ،‬مقابل حلم سفر قد لا يتح َّقق!‬
‫أسفل الطاولة‪ ،‬يجعله يسمع نقاشنا‪ ،‬ثم يأتي مستع ًّدا‬        ‫عدم وجود فرع للشركة في البلد الأم‪ ،‬يثير الشك‬
  ‫لتفنيد أية شكوك‪ ،‬والدليل ر ُّده على أسئلتنا قبل أن‬     ‫والريبة‪ .‬لماذا التركيز على المصريين في دول الخليج‬

            ‫نسألها! وربما لأ َّنه أصبح مدر ًبا عليها‪.‬‬                                           ‫فقط؟!‬
                                                        ‫تنحنحت أحلام وطلبت أن يمهلنا بضعة أيام لقراءة‬
‫طريدته بأنه ليس أمامها‬  ‫(ُيوسهومىالمصسياارد‬             ‫بنود العقد‪ .‬رد بأن عرض الـ ‪ VIP‬متاح ليوم واحد‬
 ‫واحد للنجاة‪ ،‬يكون فيه‬                                   ‫فقط‪ ،‬ولو جئنا غ ًدا ستكون تكلفة التعاقد مضاعفة‪.‬‬
‫هلاكها)‬                                                   ‫عاد بوب مارلي يغني على الشاشة مرة أخرى‪ .‬من‬

                                                                                          ‫دون صوت‪.‬‬

 ‫سألته أحلام عن الرجل وزوجته اللذين كانا يجلسان‬         ‫(تقوم الحيتان الضخمة بالسباحة الدائرية‬
‫بالقرب منا؟ قال إنهما خرجا لتوقيع العقد‪ ،‬فاستأذن ْت‬      ‫التصاعدية لصنع فقاعات هواء تسقط‬
 ‫للذهاب إلى الحمام‪ ،‬وبعدما عاد ْت‪ ،‬اقترح علينا إذا كنا‬    ‫فيها الأسماء الصغيرة ف ارئس سهلة)‬
‫مازلنا متشكيين أن نأخذ الشاليه الـ ‪ 50‬مت ًرا فحسب‪،‬‬
                                                          ‫انسحاب هاني المؤقت لم يكن عشوائيًّا‪ ،‬ولا الانتقال‬
  ‫لأن مقدمه بسيط‪ ،‬ويمكن التعاقد بأي مبلغ حتى لو‬              ‫إلى مؤمن‪ .‬الأمور هنا ُتدار بذكاء‪ ،‬وضعونا تحت‬
         ‫كان أربعين دينا ًرا‪ .‬صم ْت لبرهة ثم ابتسم‪:‬‬
          ‫‪« -‬أظن مافيش تسهيلات أكثر من كدا؟!»‪.‬‬           ‫ضغط نفسي مدروس‪ ،‬تطميع بمكسب مب َهم‪ ،‬والوعد‬
                                                        ‫بمتعة السفر‪ .‬المهم عدم مغادرة الطاولة إلا بعد توقيع‬
 ‫كل محاولة تسهيل يقوم بها‪ ،‬كانت تثير ريبتي أكثر‪.‬‬
 ‫تعاقد بأربعين دينا ًرا؟ لو قلت له ليس في جيبي الآن‬                                ‫عقد لا نعرف ما بنوده‪.‬‬
                                                                                           ‫سأل ْت أحلام‪:‬‬
                     ‫سوى عشرة دنانير لن يمانع!‬
                                                                ‫‪« -‬لو رفضنا العرض سنأخذ الهدايا كلها؟»‪.‬‬
‫(في قلب المعركة قد تتخَّلى السحلية عن‬                           ‫‪« -‬بالتأكيد‪ ..‬خلوني أسيبكم شوية للتفكير”‪.‬‬
       ‫ذيلها بين فكي المفترس)‬                             ‫اندهشنا عندما اكتشفنا أننا قضينا أكثر من ساعتين‬
                                                        ‫في مفاوضات‪ .‬لماذا لم يقدموا العقد كي نقرأه بإمعان؟‬
  ‫استأذنته أحلام للتشاور معي لمرة أخيرة‪ .‬فانسحب‬            ‫إذا كانوا جا ِّدين لماذا لا يتركون لنا الوقت للتفكير؟‬
   ‫بأسلوبه المهذب وهو يمسح حبيبات العرق الغزير‬             ‫ما الداعي أن تقوم شركة محترمة بتسويق نفسها‬
                                   ‫فوق صلعته‪.‬‬                    ‫باعتبار صاحبها فلان زوج الوزيرة فلانة؟!‬
    ‫همس ْت لي أنها تع َّمدت الخروج إلى الحمام ولم تر‬      ‫كانت أحلام منفعلة وهي تهمس كي لا يسمعنا أحد‪.‬‬
                                                        ‫اعترض ْت لإجبارنا على الجلوس والضغط علينا لتوقيع‬
 ‫الرجل وزوجته‪ ،‬وأنه من المستحيل أن يكون وقع أي‬            ‫عقد لم نقرأ بنوده حتى! ماذا لو كانت هناك شروط‬
  ‫عقد وإلا كنا سمعنا كلمة «مبروك» وزغاريد! «قوم‬           ‫جزائية؟ وهل لو رفضنا العرض سيعطوننا الهدايا؟‬
   ‫نمشي‪ .»...‬قالتها منفعلة‪ ،‬فوقفت وراءها‪ .‬أحاط بنا‬         ‫سجل ُت تساؤلاتها في ورقة‪ .‬لمح ُت هاني يراقبنا من‬
   ‫مؤمن وهاني الذي أخرج من جيبه كارته الخاص‪:‬‬               ‫بعيد وهو يعقد يديه على بطنه‪ .‬تق َّدم مؤمن مهرو ًل‬
                                                           ‫مبتس ًما‪ .‬قال إنه رآنا من الكاميرا وقلبه أخبره أننا‬
‫‪« -‬عشان أنتو ناس محترمة ومش عاوزكوا تخسروا‬                  ‫وافقنا‪ .‬تلف ُّت حولي بحثًا عن الكاميرا‪ .‬لم ألحظ أي‬
     ‫الفرصة‪ ..‬دا الكارت بتاعي‪ ..‬وهاعمل حاجة غلط‬              ‫شيء‪ .‬دعانا إلى الاطمئنان تما ًما لأوراق الشركة‪،‬‬
     ‫معملتهاش لأي عميل‪ ..‬معاكو تلات أيام للتفكير‬

‫وردوا عليَّ يوم الأربعاء بالقبول أو الرفض‪ ..‬ومعلهش‬
              ‫هنأجل تسليم الهدايا لحد ما تر ُّدوا”‪.‬‬
   79   80   81   82   83   84   85   86   87   88   89