Page 89 - ميريت الثقافية- العدد رقم 22 أكتوبر 2020
P. 89

‫‪87‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫قصــة‬

                                                            ‫صابر رشدي‬

                                                       ‫رياح أمشير‬

‫خلالها ذرية من محاولات باهتة‪ ،‬مشمولة بالوهن‪.‬‬             ‫ثمة مزاج رائق‪ ،‬ونداء لحوح‪ ،‬يتصاعد وينمو‪ ،‬إثر‬
   ‫مع البدايات الأولى‪ ،‬المسكونة بجس النبض‪ ،‬أخذ‬         ‫تناول ِسنة الأفيون‪ ،‬الممزوجة بالشوكولاتة والمذوبة‬
  ‫مواء قطط يتصاعد قاد ًما من كل الجهات‪ ،‬ليصب‬           ‫فوق نار هادئة بأناة وتمهل‪ ،‬إنه التخدر الذي يواجه‬

‫في هذه الغرفة تحدي ًدا‪ .‬الأنثى الآملة في وقت طيب‪،‬‬          ‫به زوجته الجديدة‪ ،‬الساعية إليه بشغف‪ ،‬بعدما‬
 ‫في غمرة ذهولها راحت تنصت باهتمام إلى صراخ‬                                   ‫تناهت إليها أصداء شهرته‪.‬‬

    ‫محدد‪ ،‬خمنت معه أنه صادر عن قطة صغيرة‪،‬‬                  ‫إنها الآن تقوم بصقل بشرة مهجورة منذ زمن‬
  ‫تجنح إلى السفاد للمرة الأولى تحت ثقل قط كبير‪،‬‬               ‫بعيد‪ ،‬عسى أن تدب الحياة فيها مرة أخرى‪.‬‬
‫مدرب جي ًدا‪ ،‬فجعلت تستمد النشوة من هذه الأنات‬                 ‫عم سيد‪ ،‬الذي أسقط الأفيون معظم أسنانه‪،‬‬
  ‫المستغيثة‪ ،‬ومن المواء العميق للقط الذي بدا وكأنه‬
                                                           ‫كان يحتفظ بطاقة فعالة‪ ،‬لا تتناسب مع مظهره‬
      ‫يعالج الأمر بروية وتمهل مصحوبين بتهديد‬           ‫الشبحي‪ ،‬وعوده الناحل‪ ،‬جسد يثري وجوده الفاني‬
      ‫مباشر‪ ،‬سعيدة بتلك الخفقات التي تتغلغل في‬
                                                         ‫بزيجات متعددة‪ ،‬كأنه يثأر لذاته من حياة‪ ،‬يعتقد‬
                               ‫خلاياها المتحفزة‪.‬‬            ‫أنها مهما طالت فهي قصيرة‪ ،‬مستغ ًّل شهرته‬
 ‫الرجل‪ ،‬انتبه إلى ما يدور في الخارج‪ ،‬فمن الصعب‬
  ‫تجاهله‪ ،‬فهذه الأصوات تمده بالقلق‪ ،‬وتفسد عليه‬            ‫كرأسمال فخري‪ ،‬يواجه به الأنثى كلغز غامض‪،‬‬
  ‫مهاراته‪ ،‬صار منطفئًا‪ ،‬مفتق ًرا إلى الإتقان‪ ،‬معتق ًل‬                ‫متفاع ًل معها في التمنع والاستجابة‪.‬‬
‫في خوفه من هذه الكائنات‪ ،‬غائبًا في قشعريرة وألم‪،‬‬
 ‫تتساقط معهما نياشين المجد من فوق كتفيه‪ ،‬وهو‬             ‫المرأة العجوز‪ ،‬تتوقع لقاء ناج ًزا‪ ،‬مهرجان سعادة‪،‬‬
                                                          ‫ونشوات غير تقليدية‪ ،‬لقد ضحت بأسرة كبيرة‪،‬‬
   ‫يهبط إلى قاع ليل خا ٍل من الرغبة‪ .‬عندما انتبهت‬                  ‫وتجارة واسعة من أجل هذه اللحظات‪.‬‬
                  ‫إليه المرأة شعرت بأنه يحتضر‪.‬‬           ‫تقلبات أمشير تتبدى بشراسة‪ ،‬عبر صفير الريح‪،‬‬
                               ‫‪ -‬ما الذي دهاك؟‬             ‫وخبطات الهواء على النوافذ والشرفات‪ ،‬وجنون‬
                                                             ‫يسيطر على مطاردات القطط‪ ،‬سعار يصل إلى‬
            ‫وخزته الكلمة‪ ،‬شعر بها كطعنة مؤلمة‪.‬‬                                                 ‫الذروة‪.‬‬
                                    ‫قال مرتب ًكا‪:‬‬           ‫السيدة ثملة‪ ،‬مفعمة بجذل استثنائي‪ ،‬لقد حان‬
                                                              ‫الوقت لتعويض سنوات الترمل التي سبقتها‬
  ‫‪ -‬لا أدري! بعد لحظات‪ ،‬سكن الهواء في الخارج‪،‬‬
  ‫صار بلا صفير‪ ،‬والحيوانات الصغيرة يبدو أنها‬           ‫سنوات زواج عجاف بتاجر طاعن في السن‪ ،‬أنجبت‬
   84   85   86   87   88   89   90   91   92   93   94