Page 91 - ميريت الثقافية- العدد رقم 22 أكتوبر 2020
P. 91
89 إبداع ومبدعون
قصــة
العمل على طريقته ،لا مباليًا بالرجل ،فقط ،كان
يرمقه بعينين لامعتين ،تومضان بشدة ،على نحو
مخيف ،فلم يحتمل هذا العناد ،اعتبرها نظرات تح ٍّد
لا تغتفر ،فهوى فوق ظهر القط بضربة قاصمة،
طار معها مختفيًا في الظلام ،ليشعر بالراحة ويعود
إلى زوجته طالبًا منها التأجيل حتى يسترد أنفاسه،
وافقته على مضض وهي تنفخ في الهواء حانقة،
يجهدها الأرق وتركض الحسرات في شقوق قلبها،
في تقلباتها تلك ،شعرت باهتزازات خفيفة ،كان
السرير يصدر صري ًرا واض ًحا ،وهى مستغرقة في
حزنها الساهي ،وجدته يعتصر ،يئن صامتًا ،تتقلب
عليه علامات التوجع ،والاستغاثة من عدو خفي،
لم تو ِل أهمية لما يحدث تحت بصرها ،كانت تعتقد
أنها أضغاث أحلام تناوشه وتسخر من شيخوخته،
لكنه ،راح يتلوى صار ًخا .فسيطر الخوف عليها،
وجعلها تقوم بإيقاظه .فأفاق على صوتها ،وأخذ
ينظر حواليه ،عندما انتبه إليها سارع بوضع يده
أسفل بطنه.
-كدت أموت.
نطق بصعوبة ،وعيناه تبحثان في الفراغ عن شيء
مجهول .أضاف بعدها ،بصوت واهن وهو يتأرجح
بين الحياة والموت:
-القط الذي ضربته كاد يقتلني ،رأيته في منامي،
صخ ًما على نحو غير طبيعي .كان يضغط على
خصيت َّي ،وينهرني :لماذا تضربني؟ ثم يعاود
الضغط حتى كاد يزهق روحي.
ظهرت علامات تهكم ،وسخرية مريرة ،على وجه
المرأة ،عكست لديه شعو ًرا بأنها لم تصدق روايته،
ما جعله يعاين لحظات ابتلاء غير قابل للانكماش،
فتطلع إليها حان ًقا ،وهو يشعر بأنها نذير شؤم،
جاءت لتقضي عليه ،وتضع خاتمة لتاريخ حافل
بفتوحات كبرى ،لا نظير لها ،فجن جنانه في
لحظتها:
-ارتدي ملابسك.
ذعرت المرأة ،انتابها خوف شديد وهى تمتثل
لأوامره ،نهرها مرة أخرى عندما لاحظ تلكؤها ،قبل
أن يقبض على يديها ،ويفتح الباب ،ليلقي بها إلى
الدرج المظلم وراء القطط.