Page 224 - merit
P. 224

‫العـدد ‪44‬‬                                               ‫‪222‬‬

                                    ‫أغسطس ‪٢٠٢2‬‬

   ‫الفتح العربي» للكاتبة المصرية‬        ‫وحضارة عريقة وقديمة‪ .‬فهل‬                              ‫مسلمون‪ ،‬بل وحكام ونخب‪ ..‬الخ‪.‬‬
   ‫سناء المصري‪ ،‬شهرة الحرفين‬             ‫منطقي أن يعلم هؤلاء الغزاة‬                            ‫وحتى يستعيدوا هذا المجد القديم‬
‫المصريين وقتها لم تكن محصورة‬        ‫شعو ًبا مثل مصر والشام والعراق‬
   ‫في مصر فقط‪ ،‬بل كانت تنتشر‬             ‫والفرس والأمازيغ الحضارة‬                                ‫لا بد من إقامة «دولة الإسلام»‬
   ‫في آفاق ذلك الزمان قبل الغزو‬                                                                  ‫ومن بعدها «الخلافة»‪ ،‬فكلاهما‬
  ‫العربي‪ ..‬كانت منتجاتهم إحدى‬                      ‫والتحضر‪ ..‬إلخ؟!‬
                                          ‫هؤلاء الغزاة الذين اجتاحوا‬                              ‫واجب ديني‪ .‬فالمسلم لا يمكن‬
      ‫العجائب‪ ،‬فشكلت بملامحها‬       ‫حضارات راسخة وقديمة لم يذكر‬                                 ‫أن يعيش في رفاهية وفي مجتمع‬
   ‫الحضارة القبطية (أي المصرية‬      ‫أي من المؤرخين العرب المنحازين‬
  ‫ولا تعني أب ًدا المسيحية) لقرون‪،‬‬     ‫لهم‪ ،‬أنه كان من بينهم عال ٌم في‬                            ‫متحضر إلا إذا استعدناها‪ ،‬أو‬
‫والتي تمت نسبتها إلى «الحضارة‬       ‫الفلك أو الهندسة أو العمارة‪ ..‬إلخ‬                                      ‫صنعناها من جديد‪.‬‬
  ‫العربية»‪ .‬شواهد هذه الحضارة‬          ‫(مثل جيش نابليون الذي احتل‬
   ‫ما زالت حاضرة حتى الآن في‬           ‫مصر)‪ .‬كما أن هؤلاء الغزاة لم‬                                 ‫فهل هذا صحيح‪ ،‬هل هناك‬
‫المتحف الذي يسمونه «الإسلامي»‬       ‫يكن حتى من بينهم (حسبما يقول‬                                  ‫بالفعل ما يسمونه «الحضارة‬
    ‫في مصر‪ ،‬في فن النسيج الذي‬        ‫المؤرخون العرب المنحازون لهم)‬                                ‫العربية الإسلامية»؟ أرجو أن‬
                                       ‫رجل دين واحد ليعلِّم الشعوب‬                            ‫تعود بالزمن إلى الوراء عندما غزا‬
     ‫عرف باسم القباطي‪ .‬ويشير‬          ‫التي احتلوها هذا الدين الجديد‪.‬‬                          ‫بعض العرب من صحراء الجزيرة‬
       ‫باحثون إلى وجود مصانع‬                                                                      ‫العربية مصر‪ ،‬وجعلوها تحت‬
                                            ‫الحضارة تعني في معجم‬                              ‫حكمهم بالقوة‪ .‬حاو ْل أن تسترجع‬
  ‫نسيج في ذلك الوقت تخصصت‬            ‫القاموس المحيط‪َ :‬ح َض ُر و َح ْض َر ُة‬
    ‫في صناعة ملابس الأغنياء أو‬                                                                        ‫صور مصرية «الحضارة‬
                                       ‫وحا ِض َر ُة و ِحضا َر ُة و َح َضا َر ُة‪:‬‬              ‫المصرية» العظيمة وتضع بجوارها‬
  ‫الخاصة‪ ،‬ومصانع أخرى لإنتاج‬         ‫ِخلا ُف البا ِد َي ِة‪َ ..‬حضا َر ُة‪ :‬الإقا َم ُة‬          ‫صور هؤلاء القادمين من الجزيرة‬
   ‫ملابس العامة أطلق عليها اسم‬         ‫في ال َح َض ِر‪َ .‬ي ِعي ُش أ ْه ُل ا ْلُ ُد ِن ِف‬
‫طارز الخاصة‪ ،‬ولا زالت توقيعات‬        ‫َح َضا َر ٍة‪ِ :‬ف َت َم ُّد ٍن َع ْك َس ال َب َدا َو ِة‪.‬‬       ‫العربية (ستجد على الإنترنت‬
   ‫نساجي القبط على العمائم التي‬                                                                  ‫صو ًرا تقربهما لك) وحاول أن‬
  ‫يسمونها «إسلامية» في المتحف‪،‬‬         ‫أي أن الحضارة بالتعريف هي‬                              ‫تقارن‪ .‬دون شك الهوة الحضارية‬
‫وتشهد وحداتها الزخرفية بسمات‬         ‫عكس بداوة‪ ،‬هؤلاء هم القادمون‬                                ‫كانت شاسعة بين المحتل وبين‬
 ‫مصرية الحضارة المصرية المحبة‬
‫لرسوم الطيور والحمام والأعناب‬           ‫من صحراء الجزيرة العربية‪.‬‬                                   ‫المصريين‪ ،‬فالأول قادم من‬
                                           ‫كما جاء في كتاب «هوامش‬                               ‫صحراء‪ ،‬حيث ما زالوا يعيشون‬
     ‫وغيرها من السمات المصرية‬                                                                  ‫في قبائل بدائية متحاربة‪ ،‬في حين‬
  ‫الخالصة‪ .‬يصف‬                                                                                  ‫أن مصر والمصريين كانوا دولة‬

    ‫الدكتور حسن‬
    ‫الباشا في كتابه‬
     ‫«فن التصوير‬
 ‫الإسلامي»‪ :‬عمامة‬
 ‫من الكتان الأبيض‬
   ‫يزخرفها شريط‬

     ‫أفقي منسوج‬
‫بالصوف الملون به‬
 ‫رسوم طير‪ ،‬يعلوه‬
 ‫شريط من الكتابة‬

    ‫العربية بالخط‬
   219   220   221   222   223   224   225   226   227   228   229