Page 19 - merit agust 2022

‫‪17‬‬ ‫إبداع ومبدعون‬

‫رؤى نقدية‬

‫الكهف‪ -‬القصر) والمفتوح (البحر‪ -‬الغابة) في‬ ‫ذلك لأنه الأكثر تشعبًا ومخاتلة‪ .‬ينقسم ذلك المكان‬
‫الرواية‪ .‬وقد يكون السجن مكا ًنا مفتو ًحا خلا ًفا‬ ‫المتخيَّل في تلك الحكاية العجيبة إلى فضاءين أحدهما‬
‫لدلالته‪ ،‬وهذا يرجع لطبيعة صاحب السجن الفكرية‬ ‫اختياري والآخر جبري؛ ويمكن الإشارة إلى الفضاء‬
‫وحالته النفسية وما يعتنقه من إيمان وأفكار‪ ،‬فقد‬
‫يتحول السجن بانغلاقه إلى مكان مفتوح لكونه‬ ‫الاختياري مثل البيت أو المقهى الذي تفد إليه‬

‫مكا ًنا للتخطيط والتفكير‪.‬‬ ‫الشخوص بإرادتها‪ ،‬أما الأماكن الجبرية ‪-‬موضوع‬
‫الدراسة‪ -‬فهي فضاء السجن بوصفه عالمًا مناق ًضا‬
‫توظيف الشخوص والزمن‬
‫للفضاء الاختياري وما تنطوي عليه من حرية‬
‫وكما يمثِّل المكان عنص ًرا محور ًّيا تو َّظف الشخوص‬ ‫خارج أُ ُطره‪ ،‬وكلما تج َّل السجن في موضع ما‬
‫لخدمة هذا العنصر‪ .‬لا تتطور الشخوص عبر‬
‫يطرح بالنتيجة قضية الحرية في مقابل القهر‪.‬‬
‫الرواية تط ُّو ًرا دائر ًّيا‪ ،‬وإنما يغلب عليها الاستاتيكية‬
‫والتس ُّطح وهذا لا ُيع ُّد عيبًا في التشخيص الروائي‪،‬‬ ‫موضوعة السجن أو المكان الجبري ليست مقصورة‬

‫فالرواية أقرب إلى الفانتازيا‪ ،‬وتستعير أنفاسها‬ ‫على ظهور السجن بأسوراه وحراسه‪ ،‬بل لا يشترط‬
‫في حكايات ألف ليلة وليلة‪ ،‬وعليه تبدو الشخوص‬ ‫أن يكون المكان مكا ًنا مغل ًقا‪ .‬ولكن يتج َّل بصورة‬
‫أحادية الأبعاد وظائفية السمة ‪ ،archetype‬وتحمل‬
‫سمات طقسية‪ ،‬ففي الحكايات العجائبية‬ ‫مختلفة تحمل دلالات متعددة مثل الحرية في مقابل‬
‫لا تغادر الشخوص الوظائف المرسومة‬ ‫القمع‪ ،‬والخير في مقابل الشر‪ .‬وقد و َّظف الكاتب‬
‫لها‪ ،‬بحسب نظرية فلاديمير بروب في‬
‫وظائف الشخصيات السبع في الحكي‬ ‫فضاءين مختلفين‪ :‬ثنائية المكان المغلق (البيت‪-‬‬
‫الشعبي‪ :‬فـ»حور» الأميرة لا تصلح‬
‫أن تكون غير ذلك‪ ،‬و»طاكين» الشرير‬

‫لا يمكن أن يحمل سمات الخير في‬
‫نفسه‪ ،‬و»أبو شوال» المعاون‪ /‬المساعد‬
‫لا يمكن أن يتقلَّد السلطة وإنما يساعد‬
‫«ز َّيان» فقط ليكون أحد أبطال الرواية‪.‬‬

‫فالشخوص هنا ليسوا سوى عنصر‬
‫يدفع عجلة السرد من أجل الوصول‬

‫إلى النهاية السعيدة والترسيخ‬
‫لموضوعة انتصار الخير على الشر‪.‬‬
‫وتحر ّرا من الزمن السردي‪ ،‬نجد أن‬
‫الزمن في رواية «أبناء حورة» يفقد‬

‫سلطته؛ وذلك يرجع لأن الكاتب‬
‫يوغل في استحضار صور البداءة‬
‫الأسطورية ويضعها جنبًا إلى جنب‬
‫فرضيات المستقبل‪ ،‬فتظهر الحيوانات‬
‫العملاقة وتوضع في إطار زمني‬
‫مستقبلي لتطرح قضايا فلسفية متعلقة‬
‫بالهيمنة البشرية وتساؤلات حول‬