Page 49 - merit agust 2022
P. 49
47 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
سفيان الركيك
(المغرب)
سيميائيات الجسد الأنثوي
في الخطاب الإشهاري..
الإشهار التلفزي نموذجا
حضور الذات النسائية في الوصلات الإشهارية الأكثر نجاعة في
عملية التسليع ،لما يكتنزه الجسد الأنثوي من طاقة تعبيرية ودلالية
جبارة ،ش َّكل الممر الضروري الذي يتسلل من خلاله المعنى إلى
وجدان المستهلك .فالإشهاري ينزع عن الجسد مناطقه النفعية،
ليصبح جس ًدا مص َّفى منت ًجا لسلسلة من الدلالات عبر أجزائه ،فمربط
الفرس ومكمن الالتباس ،ليس الجسد في ذاتيته ،وإنما في الطريقة
التي يوظف بها الإشهاري الجسد ،بحيث يفرغ جسد المرأة من القيم
الأنثوية ويسلعها ،ليصبح بذلك الجسد يحيل على المنتوج ،أو
بالأحرى المنتوج هو الذي يحيل على الجسد.
إرساليته ،وإقناع مستهلكيه. «إننا مخدوعون ونخدع باستمرار ونعرف ذلك، يعد
ولئن كانت الغاية الجوهرية للخطاب الإشهاري هي إذن علينا أن نعرف كيف ُنخدع»
الربح ،فقد اعتمد على استراتيجية محكمة التصميم، رولان بارث
بد ًءا من المثيرات البصرية ،مرو ًرا باللغة والأسلوب،
الخطاب الإشهاري في عصرنا الراهن
وصو ًل إلى استخدام وتوظيف الجسد الأنثوي ظاهرة تواصلية وصناعة إعلامية مكتملة
بوصفه ذريعة في الترويج لمنتجاته ،لا باعتباره كتلة
من اللحم ،وإنما باعتباره منب ًعا لسلسلة من الدلالات الأركان ،وصل صدا ُه لكل النفوس ،لما
يتميز به من قدرة على بلورة الرأي،
والمعاني كنسق إيمائي تواصلي. وتشكيل الوعي والتأثير على الذات
وهو الأمر الذي ركزت عليه التجربة السيميوطيقية
على أساس أنها لغة من اللغات التواصلية الإبلاغية وتوجيهها ،باعتباره فنًّا من الفنون الجاذبة لكل
شرائح المجتمع على اختلافها وتنوعها ،بحيث
حسب أشكال الإيماءات والحركات والوضعيات،
ولاسيما في الإشهار التلفزي. استطاع بتركيبته المتميزة باختزال مناحي الحياة
في أبعادها المثالية والميثولوجية من خلال أدوات
الجسد الأنثوي بوصفه نس ًقا إيمائ ًّيا وآليات اشتغاله ،والتي أفضت في الآن ذاته إلى
استعمال اللغة الإيحائية والتي تضفي على الخطاب
إن مفهوم الجسد -بغض النظر عن التصور السائد
الإشهاري نو ًعا من الاستعارية من أجل بناء