Page 53 - merit agust 2022
P. 53
51 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
جاك سغيلا جان بودريلار فالإشهار المغربي مث ًل تتقاسمه امرأتان ،أي تتوزع
بين شكلين اثنين ،فالأول عبارة عن نمط محلي
بها ،على العكس تما ًما مما نجده في الإرساليات
الإشهارية التي تحضر فيها المرأة بصيغة أجنبية عربي أصيل منبثق من الفعلي اليومي ،بحيث تقدم
وافدة ودخيلة على النسق الثقافي المغربي« ،تقصي المرأة كنسخة ميكانيكية لوضعية واقعية معاشة،
المحلي وتعوضه بصور شتى من الذاكرة أو من توجد مرجعيتها في المتخيل العام للمجتمع ،فمن
المكتوب أو من المسقط كحالات للتماهي الوهمي»(،)5 هذه المرأة؟ هل هي الأم ،هل هي الزوجة ،هل هي
الأخت؟ إنها امرأة لا تدرك إلا باعتبار كلية جسدها
إنها امرأة غير متزوجة عزباء عارضة لأشياء وأبعاده الوظيفية :إنها تغسل أو تنظف أو تحمل
مرتبطة بالمتعة والإغراء من خلال أشكال الوضعات
الخرق أو تطبخ ،فلا وجود لهذه المرأة إلا من
الجسدية ،شكل الجلوس والوقوف ،السكون خلال تفاصيل ما يحيط بها من أشياء وكائنات
والحركة ،..ليتجاوز بذلك الجسد الأنثوي أبعاده ومنتوجات ،أما الثاني ،فهو نمط أجنبي غربي وافد
الوظيفية ،كما هو الحال في النموذج المحلي ،ليشتغل ومتحرر يعمل على تشخيص حالة الإغراء والإحتفاء
بالذات ،إنه يعيش في متخيل المشاهد على شكل
كموضوع إيروسي يشكل نموذ ًجا للاستيهام موضوع جنسي لا أقل ولا أكثر ،بحيث توظيفه لا
والرغبة ،وعليه يمكننا القول إن حضور الذات يعدو أن يكون أداة شهوية استفزازية واستنفارية
النسائية في كلتا الحالتين في الدائرة الاستهلاكية كذلك لأشكال غريزية بيولوجية ،يصاحبها تدلل
يكون إما لتلبية حاجات الضرورة ،وإما لإشباع
أنثوي لا مثيل له ،إنها اللذة القصوى أو هي
حاجات الغريزة. الإغراء في شكله الكلي ،ولهذا فإنها تحضر عبر
لقد كان الجسد قدي ًما عورة ،وهاهو يتحول إلى جزئيات جسدها بكامل طاقاته التعبيرية :شكل
موضوع استهلاكي يحتل كل الواجهات ،لذلك العينين ،استفزازية اللباس ،ولهاث النهدين ،وامتداد
الذراعين والساقين ،والشعر المتناثر في الهواء.
يمكن القول إن الاستخدام الإشهاري للجسد فتوظيف الخطاب الإشهاري لهذين النمطين مرتبط
الأنثوي يعتبر في كثير من الأحيان علامة فارقة بالدرجة الأولى بتنوع وتعدد المنتوجات ،فأحيا ًنا يتم
عرض المنتوجات ذات الاستعمال اليومي ،وتحضر
لترسيخ أيديولوجيات معينة ،ونتحدث في هذا ضمنها المرأة بصيغة محلية شعبية ،تتوارى معها
المقام عن الإشكالية الأخلاقية التي يكرسها كل أشكال اللذة والاستيهام ،حيث تظهر هاهنا
المرأة المغربية بلباسها المنزلي النمطي ،فض ًل عن
الإشهار ،من خلال الصورة التي تظهر بها المرأة حركاتها وإيماءاتها وطريقة كلامها ،إنها السيدة
والمرأة المتزوجة الساهرة على إرضاء زوجها ،التي
تعد بشكل من الأشكال معطى يدركه المستهلك
ويعرف أدق تفاصيله ،لذلك يكون من السهل عليه
التماهي مع هذه الأشكال ،إذ إن المرأة في هذه
الحالة تنظف الأواني ،أو تحمل خرق الأطفال أو
تقوم بأعمال المطبخ ،..لذلك فإن شكل حضور
هذه الذات النسائية ،هو بمثابة تسجيل خالص
لواقعة من الحياة اليومية الروتينية التي نعي
مظاهرها وتجلياتها ،فهذه الذات قد تكون الجدة،
أو الأم ،أوالزوجة ،الأخت ،لذلك فتمظهراتها في هذه
الوصلات لا تخرج عن إطار الوظيفة التي تقوم