Page 52 - merit agust 2022
P. 52
العـدد 44 50
أغسطس ٢٠٢2
امتلاك الجسد ،فما دامت الوصلات الإشهارية الطابع التجاري كان أكثر نجاع ًة في الترويج للسلع
تعتمد بالأساس على المرأة في فعل الترويج ،فذلك والمنتوجات ،ونتحدث في هذا المقام بالذات عن المرأة
يستدعي بالضرورة التركيز على جسدها -على الجسد باعتبارها مستود ًعا إيروسيًّا ،حيث أكدت
حد تعبير بودريار -كي يتحول إلى مادة قابلة مجموعة من الأبحاث أن توظيف الجسد الأنثوي
للاستهلاك والامتلاك في نفس الوقت ،وهو الأمر في الوصلات الإشهارية وخاصة استخدام العري
الذي يجعلنا نتساءل ،هل يقدم الخطاب الإشهاري يأتي بنتائج مدهشة في الترويج ،وهذا ما نجده
الذي يوظف الذات النسائية المنتوج أم الجسد
المثير والجميل؟ وهل الإرسالية الإشهارية التي بشكل واضح وجلي في الإرساليات الإشهارية
تستخدم الجسد للإشهار ،ألا يمكننا أن نعتبرها الخاصة بالمنتجات الذكورية ،إذ إن الوضعية التي
تشهر و ُتطبل لذلك الجسد في نفس الوقت؟ بتعبير تعرض وفقها هذه الوصلات لا توحي إلى أي علاقة
آخر إلى أي حد يمكن التسليم بأن توظيف الجسد موضوعية تربط السلعة أو المنتوج بالمرأة ،إلا أن
الأنثوي في الوصلات الإشهارية هو دعارة بصرية حضورها تكون له غاية إغرائية ،بحيث إن المستهلك
بالأساس؟ فهذه أسئلة ضمن أسئلة أخرى مرتبطة
بما تكرسه الإرساليات الإشهارية التي تمطرنا بها عوض أن يستنبط العلاقة الرابطة بين المنتوج
والمرأة في إشهار لا يخصها ،وغير موجه إليها
القنوات التلفزيونية بالخصوص. بالدرجة الأولى ،يسعى مهرو ًل إلى اقتناء المنتوج،
لأن تقنيات عرض صورة المرأة وتضاريس جسدها
الجسد الأنثوي وثنائية المحلي والوافد جعلته ينجذب إليها ،وعبره الاقتناع بأن الحصول
على هذا الجسد رهين باستخدام ذلك المنتوج ،لأن
يعتبر الجسد الأنثوي أحد أنجع الآليات التي الخطاب الإشهاري يخاطب الوجدان واللاشعور،
يوظفها الخطاب الإشهاري لبناء إرساليته ،وذلك لما
بدل العقل الذي يراقب ويحاسب ،وبالتالي
له من حمولات دلالية وإمكانات إبلاغية ،باعتباره فالإشهار يعمد إلى استفزاز غرائزية المتلقي عبر
نس ًقا إيمائيًّا تواصليًّا ،فالجسد بصفة عامة هو الجسد لحثه على الشراء ،وعليه يمكن القول «إن
الوجه الآخر لتمثلاتنا البيولوجية والثقافية على الجاذبية الجنسية هي وتر إعلاني فوق المتوسط
حد سواء ،ومن خلاله تتحدد هوياتنا ورغباتنا عند مقارنته بالأوتار الأخرى في مخاطبة السوق،
وهو ما يثبت صحة المقولة الشائعة التي تقول:
وحاجاتنا كذلك ،فالجسد في أكثر تجلياته هو لغة، الجنس يبيع ،)3(»))sex sellsوإلا بماذا نفسر
كسائر اللغات الأخرى ،من خلال أنماط الإيماءات عودة المشاهد في النموذج السالف الذكر ،مهرو ًل
والحركات ،لما يكتنزه من طاقات تعبيرية دفينة في لاقتناء المنتوج عندما شاهد تلك المرأة الجسد في
الوصلة الإشهارية ،فالمرأة لا تدل في الإشهار من
غياهب وجدان الذات. خلال إنسانيتها ،ولا من خلال كليتها ،إن الإشهار
ولما كان ذلك كذلك ،فإن أغلب الوصلات الإشهارية ينزع عنها مناطقها النفعية ،لتشتغل أجزاء جسدها
التي نصادفها دائ ًما ،مادتها الدسمة هي الجسد وفق سيرورة دلالية تتميز بنوع من الإيحائية
الأنثوي ،بشكل صريح أو متواري ،الأساس أنه والاستعارية ،تتز َّيا بكل ما يحيل في الجسد على
موظف ،فهذا الحضور الجسدي للذات النسائية
الإثارة الجنسية ،وذلك من خلال التركيز على
في هذه الوصلات الإشهارية التي تمطرنا بها مناطق ونتوءات وهضاب ومنحدرات بعضها
التلفزة -المغربية خصو ًصا ،-هو حضور مزدوج، مرئي وبعضها الآخر من إبداع الاستيهامات التي
يوحي بها التمثيل الصوري ،وبالتالي فإن كل هذه
فتارة نشاهد «امرأة بملامح عربية أو محلية، المعطيات تعمل على توجيه عين الرائي (المشاهد)
وأخرى بملامح أجنبية»( ،)4لذلك سنحاول المزاوجة نحو المنتوج لتخلصه من جوانبه النفعية وتغدق
عليه طاب ًعا من الحلم واللذة المخيالية والرغبة في
بين المحلي والوافد من خلال استحضار الجانب
النفعي /الوظيفي في الجسد ،والجانب الإغرائي
منه( ،أي استعمالاته الإيحائية والاستعارية)،