Page 51 - merit agust 2022
P. 51

‫‪49‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫رؤى نقدية‬

  ‫سغيلا أنه ذهب في بداية عهده بصناعة الوصلات‬              ‫والترسيخ لقيم ثقافية معيشية‪ ،‬فهذه المرأة منها‬
      ‫الإشهارية إلى السيدة باطا ‪-‬وكانت امرأة في‬           ‫الزوجة والأم والأخت‪ ،..‬بالإضافة إلى تثبيت قيم‬
      ‫الخامسة والستين من عمرها‪ -‬وعرض عليها‬             ‫المحبة والمسرة والفرحة بامتلاك منتوج جديد يحول‬
                                                        ‫حياتها من التعاسة إلى السعادة‪ ،‬وكل هذه الأشياء‬
 ‫مشروع وصلات إشهارية تركز على الأحذية بعي ًدا‬          ‫هي معطيات تمر في الوصلات الإشهارية من خلال‬
     ‫عن كل الإيحاءات التي يمكن أن تثيرها الأقدام‬       ‫ذر الرماد في عيون المستهلكين لكي تطبع على عملية‬
    ‫(الإيحاءات الجنسية منها على الخصوص)‪ .‬ولم‬
    ‫يعجبها الأمر‪ ،‬ويقول سيغيلا معل ًقا على موقفها‬                ‫البيع والشراء نو ًعا من الحلم والخيالية‪.‬‬
                                                       ‫وتوظف المرأة كذلك لقدرتها على الإغراء عبر مغازلة‬
  ‫هذا‪ :‬بعد أن نظرت تلك السيدة مليًّا إلى المجسمات‬      ‫مخيال المتلقي (المستهلك)‪ ،‬وغالبًا ما نجد هذا النمط‬
      ‫التي وضعتها بين أيديها قالت لي‪ :‬اسمع أيها‬
      ‫الشاب‪ ،‬لا يمكنني أن أتعامل معك أب ًدا‪ ،‬فبائع‬       ‫في الومضات الإشهارية الخاصة بأدوات التجميل‬
      ‫الأحذية لا يبيع أحذية‪ ،‬إنه يبيع أقدا ًما جميلة‪.‬‬  ‫والرشاقة ومواد العناية بالشعر كالشمبوان‪ ،‬وعليه‬

  ‫فهذا النص واضح المعالم‪ ،‬صريح اللهجة‪ ،‬يوضح‬                 ‫فإن هذه الوصلات الإشهارية لا تقدم منتو ًجا‬
  ‫التجربة التي مر بها المصمم الفرنسي سيغيلا‪ ،‬في‬             ‫وإنما تقدم سيا ًقا قيميًّا بالأساس‪ ،‬ويذكر جاك‬
  ‫بداية عهده في صناعة الوصلات الإشهارية والتي‬
  ‫تعكس جهله باللعبة الإشهارية‪ ،‬إذ إن المعنى ليس‬
 ‫في المنتوج ولا في جودته وفاعليته‪ ،‬لا ننكر أن هذه‬

    ‫عناصر لها قيمتها التدليلية‪ ،‬لكنها غير كافية في‬
 ‫عملية الإقناع والبرهنة على صلاحية المنتوج‪ ،‬إذ إن‬
‫الإشهار هو في المقام الأول استنفار لطاقات انفعالية‬

   ‫مبهمة داخل الذات المستهلكة‪ ،‬وتعتبر القدرة على‬
  ‫استمالة هذه الانفعالات إحدى الوسائل الأساسية‬
 ‫لنجاح الإرسالية الإشهارية‪ ،‬بمعنى آخر‪ ،‬أنه نظ ًرا‬
  ‫للغرائزية الكامنة في الجسد الأنثوي‪ ،‬والتي تعمل‬
 ‫على إثارة المتلقي‪ ،‬جعلت منه الوتر الذي يلعب عليه‬
  ‫الإشهار في الترويج لبضاعته‪ ،‬وعليه فإن حضور‬

      ‫الذات النسائية في الإرساليات الإشهارية ذات‬
   46   47   48   49   50   51   52   53   54   55   56