Page 49 - التنوير
P. 49
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
واتجاهات إقليمية بصورة تفوق الخيال .ورغم ما تبذله مجلــــــــــــــــة
الحركات الوطنية من محاولات لاستعادة التضامن
الوطنى إلا أن دعوتها إلى الحقوق المتساوية فى ظاهرة عفا عليها الزمن ولم تعد قائمة؛ مما يعنى أن
حدود الدولة الوطنية جاءت على حساب الفئات الدول فقدت قدًار من سيادتها .ومن ثم فإن الوصول
المستبعدة( )88التى ارتدت بطبيعة الحال إلى هويات إلى المواطنة العالمية لم يعد شيًئا وهمًّيا بل إنه يقترب
تقليدية سابقة على وجود الدولة. من الواقع(.)58
كل ذلك أدى إلى طرح نموذج للمواطنة العولمية يشير تيرنر إلى أن عولمة الحقوق والمسئوليات
الذى يتجاوز حدوَد الدولة الوطنية ويفتح آفاًقا جديدة يمكن النظر إليها باعتبارها جوهَر التحول الجارى
للحقوق والواجبات لدى المواطنين من منظور أوسع، نحو عولمة المواطنة .وهنا ينبغى أن نفرق بين
بحيث دفع ذلك إلى علو الأصوات المطالبة بعولمة است ارتيجيتين للعولمة -بحسب تحليل كل من هيلد
الحقوق والواجبات فى إطار ما سمى بالمواطنة Heldوماك جرو :– McGrewالأولى تتعلق
التعددية multiple citizenshipذات الطابع بالديمق ارطية الكونية الهادفة إلى تطوير مجموعة
العالمى .ويندرج تحت مظلة هذه المواطنة التعددية من المؤسسات الديمق ارطية على المستوى العولمى،
مسميات مختلفة للمواطنة :العولمية والكونية والعابرة والاست ارتيجية الثانية تتعلق بالديمق ارطية ال ارديكالية
للجنسية وغيرها من الصور الممتدة للمواطنة .وفيما الهادفة إلى تشكيل مجتمع مدنى عولمى من أسفل
والذى – من خلاله – يمكن للحركات الاجتماعية
يلى نلقى الضوء على كل منها: والمنظمات غير الحكومية أن تواصل أهدافها عبر
الحدود القومية(.)68
.أالمواطنة العولمية global citizenship ثمة ظواهُر عالمية جديدة تفرض ضرورة الاهتمام
بمواطن ٍة ذات طابع عالمى أي ًضا ،من بين تلك الظواهر
يتسم تعري ُف المواطنة العولمية بالغموض الشديد وجوُد المشكلات التى تواجه تطور المواطنة العالمية
بسبب اختلاف الإطار الذى يحكم العلاقة بين باعتبارها المعاد َل السياسى للاقتصاد العالمى(،)78
الحقوق والواجبات عن الإطار التقليدى للمواطنة ووجود اقتصاد عالمى يوسع الفجوة بين ال اربحين
التقليدية فى الدولة الوطنية .كما أن عضوية الشخص
فى هذا النوع الجديد من المواطنة الفضفاض شديدة والخاسرين من عملية التحديث داخل إطار الدولة
الغموض؛ حيث تظل سلطة الدولة أو الجماعة التى
ينتمى إليها الشخص تمثل الحلقة الوسيطة بينه وبين الوطنية ،وظهور الاتحاد الأوربى ليوسع بدوره أي ًضا
أى إطار مؤسسى عالمى يضمن الحقوق .ولهذا الفجوة بين تحرك النخب نحو هوية أوربية وأولئك
تميل بعض الكتابات إلى تعريف المواطنة العولمية
من منظور نفسى( )98وثقافى أكثر ،مع التركيز على الذين ما ازلوا متحصنين فى قاع الهويات المحلية
اتجاهات وقيم الشخص الذى يمكن أن يوصف
بالمواطن العولمى .فالمواطنة العولمية – بهذا المعنى وملتصقين بالتضامن الوطنى .ولم تعد الدولة الوطنية
قادرة بذاتها على تغطية تكاليف التكامل الاجتماعى،
وانفرط عقد التجانس الذى كانت تدعو إليه الدولة
الوطنية وتَ َش َّظى إلى خصوصيا ٍت طبقية وإثنية ودينية
49