Page 22 - مجلة التنوير - ج2 - المجلس الأعلى للثقافة
P. 22

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا‬                  ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫ازئفة وأضاعت من عمر الأمة كل هذه السنوات‪،‬‬                                                            ‫مجلــــــــــــــــة‬
‫فماذا نحن فاعلون الآن لنتجاوز تحديات الحاضر‬
‫ناظرين بثقة إلى المستقبل دون الالتفات إلى هذا‬              ‫عن الت ارث الغربى أحمل جيناته وتربيت على مبادئه‬
‫التمترس التقليدى؟! أعقتد أننا بحاجة إلى ما يشبه‬            ‫وغرست فى ذاتى قيمه‪ .‬إذن فأنا كشخص أحيا حياتى‬
‫الأورجانون أى الآلة أو الأداة التى ترسم لنا خارطة‬          ‫المعاصرة حاملاً قيمى ومبادئ ت ارثي ولا داعى لإذكاء‬
‫طريق للتفاعل مع تحديات الحاضر وإيجابياته‪،‬‬                  ‫الص ارع بين جانبى هذه الحقيقة الجلية! فالمسألة إذن‬
‫وتوجهنا إلى الكيفية التى نعمل بها لتحقيق المستقبل‬          ‫ليست هل أنا ميال إلى الت ارث أم ميال إلى المعاصرة‬
‫الأفضل‪ ،‬وهذه الخريطة تبدأ بلا شك من إد اركنا لزيف‬          ‫أو كيف يمكننى التوفيق بينهما؛ لأننى ببساطة أحمل‬
‫هذه الإشكالية ومن ثم الخروج من شرنقة السؤال كيف‬            ‫هويتى وأعيش عصرى‪ .‬ومن ثم عل َّي مواجهة كل‬
‫لنا أن نكون معاصرين وفى ذات الوقت نحافظ على‬                ‫تحديات هذا العصر والمشاركة فيه والتفاعل مع‬
‫هويتنا الحضارية المستقلة! ثم علينا بعدئذ العمل بكل‬         ‫كل تطو ارته‪ ،‬ولا شك أن هذا التفاعل سيتم دون أن‬
‫جدية للحاق بالعصر متسلحين بأدواته‪ ،‬ومدركين‬                 ‫أضحى بهويتى أو بعقيدتى لأن الهوية تجرى مجرى‬
‫لمشكلاتنا الحقيقية‪ ،‬والتماس كل السبل لإيجاد الحلول‬         ‫الدم فى عروق أى منت ٍم لحضارة مختلفة عن الحضارة‬
‫المناسبة لها بما يتناسب مع قد ارتنا وإمكانياتنا‪ ،‬وبما‬      ‫الغربية دون حاجة لأن يحمل اريتها‪ ،‬ارف ًعا شعارها فى‬
                                                           ‫وجه العصر الذى يحياه والقيم الجديدة للتطور والتقدم‬
 ‫لا يتعارض مع هويتنا الحضارية والثقافية والدينية‪.‬‬
                                                                           ‫التى يتفاعل معها متلقًيا ومشارًكا!‬

                                                           ‫والسؤال الآن‪ :‬إذا كانت تلك الإشكالية التى صنعها‬
                                                           ‫مفكرونا وتصارعوا حولها وأقحموها علينا وجعلونا‬
                                                           ‫نعيش فيها متمترسين خلف إحدى جبهاتها إشكالية‬

                                                       ‫‪22‬‬
   17   18   19   20   21   22   23   24   25   26   27