Page 30 - التنوير 6-8 2
P. 30

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا‬                     ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫الإرهاب ومعالجة الإعلام‪ ،‬نقد للجهادية وسياسات‬                                                           ‫مجلــــــــــــــــة‬
‫بوش الإعلامية”‪ ،‬مشاهد الإرهاب والإعلام‪ ،‬وتأثير‬
‫الإعلام الموجه لخدمة الحرب في الولايات المتحدة‬                ‫كافية لمعالجة هذا الث ارء والتعقيد والتنويع والجدة التي‬
‫الأمريكية بعد أحداث ‪ 11‬سبتمبر‪ ،‬وكيف وقع الإعلام‬               ‫تظهر في الأشكال الثقافية المعاصرة ووسائل الإعلام‬
‫الأمريكي في أخطاء كبرى؛ حيث صور الحدث‬
‫من خلال إطار معين كانت خلفيته هي (صدام‬                                                           ‫الجديدة(‪.)30‬‬
‫الحضا ارت) إشارة إلى لأطروحة صامويل هانتيجون‪،‬‬
‫وكيف تبنى الإعلام من خلال خطابه ثنائية الإرهاب‬                ‫‪1.1‬دوجلاس كيللنر ونقده لمعالجة وسائل الإعلام‬
‫الإسلامي والحضارة‪ ،‬وكيف تم استغلال ذلك المنظار‬                            ‫الغربي لأحداث (الحرب والإرهاب)‪:‬‬
‫لتهيئة مشاعر ال أري العام الأمريكي لمباركة التدخل‬
                                                              ‫وتتمثل انتقادات كيللنر لوسائل الإعلام الغربي؛‬
                                        ‫الحربي‪.‬‬               ‫وخاصة التغطية الإعلامية لحرب الع ارق والذي رآها‬
                                                              ‫دعائية‪ ،‬وكذلك الأداء الكارثي للإعلام في تغطية‬
‫ويطرح كيللنر كيف أن هذا التناول أحادي المنظور‬                 ‫أحداث ‪ 11‬سبتمبر‪ ،‬واعتبر أن الإعلام تبنى في‬
‫كان السبب في انتقال الأزمة إلى العديد من الدول‬                ‫هذه المناسبات وجهات نظر غير موضوعية‪ .‬ويسلط‬
‫بعد ذلك‪ ،‬وساعد على تصاعد ما أسماه (حمى‬                        ‫كيللنر في تحليله لأحداث حرب الع ارق على ما جاء‬
‫الحرب والحلول العسكرية لمشكلة الإرهاب العالمية)‪.‬‬              ‫في المؤتمر الصحفي الذي عقده بوش الابن في مارس‬
‫فقد بدأت القنوات الأمريكية المختلفة في استضافة‬                ‫‪ ،2003‬وكيف إنه كان مستعًدا للحرب ضد الع ارق‪،‬‬
‫خب ارء الأمن القومي الذين يصفهم كيللنر على أنهم‬               ‫واستحضر في خطابه الخير والشر الذي كان يبرر به‬
‫‪ ،---‬وسوف يلاحظ الم ارقبون والمحللون للإعلام‬                  ‫حملته الصليبية ضد بن لادن والقاعدة‪ ،‬وكرر بوش‬
‫الأمريكي كيف أن إدارة بوش ومعاونيه استخدموا‬                   ‫عبارة صدام حسين والإرهاب باستم ارر‪ ،‬ومشيًار على‬
‫كلمات معينة في خطبهم (الحرب على الإرهاب)‪،‬‬                     ‫الع ارق بالتهديد بما لا يقل عن (‪ )16‬مرة‪ ،‬واستخدم‬
‫و(الحملة الصليبية)‪ ،‬و(محو الشر في العالم) المتمثل‬             ‫كلمة (أنا) م ارت لا حصر لها‪ ،‬وتحدث عن حكومتي‬
‫في الهجمة الإرهابية‪ ،‬وتم تصوير التدخل العسكري‬                 ‫كما لو كان يملكها‪ .‬وينتهى كيللنر في تحليله إلى‬
‫على أنه يهدف لنشر الحرية‪ ،‬وتحرير المجتمعات من‬                 ‫أنه من الصعب السيطرة على مشهد الحرب إعلامًّيا؛‬
                                                              ‫لأنه قد يخضع لإطا ارت وتغيي ارت مختلفة‪ ،‬وكانت‬
                         ‫الأنظمة السلطوية(‪.)32‬‬                ‫حرب الع ارق حدثًا عالمًّيا‪ ،‬تم بناؤه بشكل مختلف‪،‬‬
                                                              ‫بسبب التضارب والاختلاف بين شبكات البث في‬
‫وكان كيللنر في تحليلاته النقدية لظواهر الإعلام‪،‬‬               ‫مختلف أنحاء العالم؛ ففي حين اعتبرت شبكات البث‬
‫يستخدم ما يعرف باسم أدوات الفلسفة القارية (مداخل‬              ‫بالولايات هذه الحرب عملية (لحرية الع ارق) متبنية‬
‫فلاسفة القارة الأوربية)؛ والتي تعتمد على تنوع الأدوات‬         ‫مفهوم البنتاجون‪ ،‬استخدمت شبكات البث الكندية‬
‫في التحليل‪ ،‬وتوفر أسلحة نقد يمكن تطبيقها على‬                  ‫شعار الحرب على الع ارق‪ ،‬واستخدمت شبكات عربية‬
‫قضايا ومشكلات ملموسة‪ .‬وهكذا عمل كيللنر على‬
‫توظيف نموذج في التحليل متعدد الثقافات؛ يجمع‬                              ‫مختلفة كلمات (غزو) و(احتلال)(‪.)31‬‬

                                                          ‫‪30‬‬  ‫وقد ناقش كيللنر في مقاله “‪ 11‬سبتمبر تأملات في‬
   25   26   27   28   29   30   31   32   33   34   35