Page 27 - التنوير 6-8 2
P. 27
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
لأشياء مفروضة مسبًقا؛ ولذلك لا يجب على السينما مجلــــــــــــــــة
أو الإذاعة التمادي في الادعاء بأنها فنون؛ لأنها في
الواقع مجرد أعمال تأخذ طاب ًعا أيديولوجًّيا لتبرير سوء النجاح؛ فإن عليها أن تكون منفردة بطريقة يمكنها
من إعادة إنتاجها بكميات كبييرة تلبي الطلب(.)15
منتجاتها(.)18 إلا أن صناعة الثقافة وتسليعها يؤدي إلى هبوط
وتدني مستواها ومستوى الفنون المقدمة ،بما يتنافى
ثانًيا :بيير بورديو والبحث النقدي: مع مفهوم الفن النقي؛ لأنه غالًبا ما يتم تسليع الفنون
بيير بورديو عالم اجتماع فرنسي ،ويعد من آخر بطريقة مغرية بحيث تروق للجماهير المخدوعة دون
المفكرين الذين تركوا بصماتهم الفكرية وأثروا بشكل الشعور بأي تلاعب يدبر ضدهم( .)16وهكذا،
عملي على الحركات الاجتماعية والسياسية التي أصبح للثقافة دوًار كبيًار في التلاعب بالوعي وإخفاء
شهدها النصف الثاني من القرن العشرين .وقد انتج التناقضات الموجودة داخل المجتمع ،وقيامها
ما يزيد عن ( )30كتاًبا ،ومئات من المقالات التي بتضليل الجماهير وجعلهم يتقبلون النظام القائم
ترجمت أبرز الألسن في العالم ،والتي جعلته يتبوأ دون القيام بإبداء المعارضة أو النقد ،أو محاولة
مكانة بارزة في علم الاجتماع والفكر النقدي ،ولم تغيير الأوضاع السائدة؛ لأن صناعة الثقافة تشترك
يكتف بورديو بإنتاجه الفكري ،ولكنه جسد الأفكار في التلقين الأيديولوجي مستخدمة في ذلك وسائل
والمبادئ التي يدعو لها في أعماله الفكرية إلى الإعلام والتسلية؛ حيث تعمل الصناعة على تلبية
ممارسات عملية من خلال مشاركته الشخصية في جميع حاجات المشاهدين ،وهي حاجات يتم تحديدها
المظاه ارت والحركات الاجتماعية والسياسية مباشرة. مسبًقا؛ مما يعني إن المشاهد يرى نفسه مستهل ًكا
والمهم في هذا السياق ،هو نقدية بورديو لإمبريالية بصناعة الثقافة التي توهمه بأنها تشبع حاجاته،
وسائل الإعلام؛ حيث كرس بورديو جهده في السنوات وبذلك من خلال الإعلام والثقافة يتم السيطرة على
الأخيرة من التسعينيات لتحليل الدور السلبي الذي الفرد ،وبسط الدولة هيمنتها؛ عن طريق تعزيز الوعي
تلعبه وسائل الإعلام والميديا الجديدة ،وقدم نقًدا ال ازئف ،وتقييد الفكر المعارض والنقدي من جانب
حاًّدا لفساد وسائل الإعلام الفرنسية وتبعية المثقفين
الفرنسيين – أو كما يسميهم كلاب الح ارسة الجدد – الإنسان الذي أصبح ذو بعد واحد(.)17
وفي التلاعب بعقول المستهلكين من المشاهدين. وقد استخدم أدورنو وهوركهايمر مصطلح
الصناعات الثقافية عند توضيح كيف أن السينما
وقد استند بورديو في هذا التحليل إلى انفتاحه والأفلام والإذاعة والصحافة ،تمثل نسًقا متسًقا أدى
على مجالات معرفية متعددة؛ كالأنثروبولوجيا لفوضى ثقافية تطبع كل الأشياء بطابع نمطي واحد
والسوسيولوجيا والإثنولوجيا والتربية والتاريخ واللسانيات في حياتنا اليومية .وتجعلنا هذه العملية ندرك زيف
والسياسة والاقتصاد والفن والإعلام .وقد ازوج في الحرية ال أرسمالية الملازمة للمجتمع المعاصر ،فدوًما
تشاريعه بين السير الميداني والتنظير النقدي ،وكما هناك حاجاته ُملباه لكنها حاجات مخلوقة من خارج
عبر عنه قوله النظرية بدون بحث إمبيريقي خواء الإنسان ومفروضة عليه ،وهي عملية تدور دون
توقف ،ومن غير المنطقي وصفها بأنها حرية اختيار
والبحث الإمبيريقي بدون نظرية ه ارء(.)19
27