Page 23 - التنوير 6-8 2
P. 23

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا‬                    ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

                                                                                     ‫مجلــــــــــــــــة‬

‫مدخل العلوم البينية والابتكار في بحوث الإعلام‬

          ‫أ‪.‬د‪ /‬علي عبد ال ارزق جلبي‬
‫أستاذ علم الاجتماع – كلية الآداب جامعة الإسكندرية‬

‫مقدمة‪ :‬لا شك أن الإبداع والابتكار في العلم يعد أسا ًسا جوهرًّيا لتطور المعرفة وتقدم العلم ذاته‪ .‬ويمكن‬
‫التمييز بين الإبداع والابتكار؛ حيث يشير الإبداع إلى توليد الفكرة‪ ،‬ويمثل الابتكار مرحلة لاحقة تعمل على تنفيذ‬
‫الفكرة في شكل إج ارءات أو ممارسات أو منتجات أفضل‪ .‬وكانت مدرسة ف ارنكفورت قد أضافت مدخل العلوم‬
‫البينية للفصل في أزمة العلوم الاجتماعية والإنسانية؛ بسبب انقسامها إلى علوم فرعية متخصصة؛ وذلك بهدف‬
‫تطويرها وإضافة مناهج بحثية جديدة‪ .‬العلوم‪ ،‬أما مدخل العلوم البينية بمعنى تجاوز الحدود بينها ينصب على‬

                                               ‫تطوير العلم وتجديد مناهجه تأسي ًسا على الاندماج المعرفي‪.‬‬

‫وقد تم تقسيم البحث إلي مبحثين؛ الأول مدخل‬                     ‫غير أن تاريخ العلوم شهد ظهور صيغ متباينة لهذا‬
‫العلوم البينية بين التكامل والاندماج المعرفي والثاني‬          ‫المدخل اختلفت في أهدافها‪ ،‬وحصروا مدخل العلوم‬
                                                              ‫البينية بمعنى العلوم المتعددة في حل المشكلات‬
                      ‫الابتكار في بحوث الإعلام‪.‬‬               ‫المجتمعية؛ استناًدا إلى التكامل المعرفي بين هذه‬
                                                              ‫ويحق لنا التساؤل في هذا السياق عن إمكان الإبداع‬
                 ‫المبحث الأول‬                                 ‫والابتكار في العلوم الاجتماعية والإنسانية عموًما‪،‬‬
   ‫مدخل العلوم البينية بين التكامل والاندماج‬                  ‫وفي بحوث الإعلام على وجه الخصوص وما أشكاله‬
                                                              ‫وصوره المحتملة وشروطه؟ وما إسهام مدخل العلوم‬
                    ‫المعرفي‬                                   ‫البينية والاندماج المعرفي في بحوث الإعلام؟ وإلي‬
                                                              ‫أي حد تعتبر البحوث النقدية في د ارسات الإعلام‬
‫يدلل البحث في تاريخ العلوم وهي تشق طريقها‬
‫نحو استقلالها عن الفلسفة‪ ،‬على أن العلوم الطبيعية‬                               ‫شر ًطا ضرو ًرّيا للابتكار والإبداع؟‬
‫كانت سباقة في هذا المجال‪ ،‬وبعدها سارعت العلوم‬
‫الاجتماعية والإنسانية إلى اللحاق بها في بداية القرن‬           ‫ولقد تطلبت الإجابة علي هذه التساؤلات‪ ،‬الاستعانة‬
                                                              ‫بأساليب منهجية متعددة؛ في مقدمتها التحليل التاريخي‬
                                       ‫الماضي‪.‬‬                ‫لمدخل العلوم البينية وتنوع أشكاله وتباين أهدافه‪،‬‬
                                                              ‫فضلاً عن الاستفادة من طريقة د ارسة الحالة لنموذج‬
‫ولكن عندما اشتد الانفصال والانقسام بين العلوم‬                 ‫البحوث النقدية في الإعلام عبر م ارحل تاريخية‬
‫الاجتماعية والإنسانية ذاتها‪ ،‬ووصل الأمر إلى انقسام‬            ‫مختلفة ومدارس فكرية متباينة‪ ،‬كما استعان البحث‬
‫كل علم منها إلى فروع علمية دقيقة ومتخصصة؛ بدأ‬                 ‫أولاً وقبل كل شيء بمنهج إعادة التحليل في تفكيك‬
‫البعض يتساءل عن منطق الفصل والانقسام بين‬                      ‫وتركيب نتائج البحوث السابقة؛ بحثًا عن إجابات‬
‫هذه العلوم‪ ،‬وهل من المفيد الدفاع عن هذا الأمر؟‬
‫أو من الضروري العبور بين التخصصات والجمع‬                                               ‫مناسبة لتساؤلات البحث‪.‬‬
‫بين فروع العلم؟ وخاصة العلوم التي ترتبط بالمجتمع‬

                                                          ‫‪23‬‬
   18   19   20   21   22   23   24   25   26   27   28