Page 45 - التنوير 6-8 2
P. 45

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا‬               ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

                                                                                ‫مجلــــــــــــــــة‬

‫نحو رؤية استشرافية لمستقبل علم الاجتماع في الوطن العربي‬

     ‫أ‪.‬د محمد ياسر الخواجة‬

‫أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة طنطا‬

‫نسعى في هذه المقالة إلى إثارة عدٍد من القضايا والتساؤلات التي تتعلق بهذا الموضوع الذي اهتمت به‬
                                     ‫المؤتم ارت(*)‪ 1‬والدوائر العلمية المختلفة‪ ،‬وتدور هذه التساؤلات حول‪:‬‬

‫ما هو الواقع ال ارهن لعلم الاجتماع في الوطن العربي؟ وما هي أسباب الأزمة التي يعاني منه في الوقت الحاضر؟‬
‫وكيف يمكن استش ارف مستقبله وتطوره؟ وإن محاولة الإجابة على هذه التساؤلات تقتضي ق ارءة تحليلية لماضي‬

                                      ‫هذا العلم وحاضره بهدف تحديد العوامل المؤثرة على أزمته ومستقبله‪.‬‬

‫أكثر من قسم علمي‪ ،‬وإن الجامعات العربية قَّلدت‬            ‫وبنا ًء على ذلك سوف نتناول في البداية النقاط التالية‪:‬‬
‫جامعات الغرب في الاهتمام بتدريس مواد تحمل‬                ‫أولاً‪ :‬إطلالة على الواقع ال ارهن لعلم الاجتماع ونشأته‬

‫عناوين معينة من خلال تدريسها بعلماء غربيين داخل‬                                 ‫في الوطن العربي‪.‬‬

‫الجامعات العربية‪ ،‬بنفس الأساليب المنهجية والنظرية‬        ‫والجدير بالذكر هنا أن الق ارءة المتأنية للت ارث‬

‫والمفهومات الأساسية‪ ،‬وابتدا ًء من نهاية الربع الأول‬      ‫السوسيولوجي العربي تبين أن لعلم الاجتماع تاري ًخا‬
‫من القرن العشرين عرفت الجامعات العربية أقسا ًما‬          ‫طويلاً نسبًّيا في الوطن العربي‪ ،‬إذ يرجع تاريخ‬
‫مستقلة لعلم الاجتماع‪ ،‬وفي منتصف القرن العشرين‬
                                                         ‫الكتابات الاجتماعية حول المجتمع العربي إلى الأيام‬

‫اهتم المبعوثون المصريون والع ارقيون العائدون من‬          ‫الأولى للغزو الأجنبي؛ حيث استعان الفرنسيون‬

‫الخارج بترجمة وتعريب علم الاجتماع الغربي إلى‬             ‫وكذلك البريطانيون بمتخصصين للقيام بد ارسات إثنية‬

                                        ‫العربية‪.2‬‬        ‫وأنثروبولوجية في الأقطار التي استعمرت حديثًا؛ وقد‬
‫ذلك العلم الوليد الذي ظهر كرد فعل للسؤال التالي‪،‬‬         ‫استفاد المستعمر في وضع سياساته التي اعتمدها‬

‫كيف نحقق النظام الاجتماعي في هذا العالم؟ وكيف‬            ‫سواء في المغرب العربي أو في المشرق في إدارة‬

‫ينشأ ويستمر كل من النظام الاجتماعي والتنظيم‬              ‫مستعم ارته‪ ،1‬وعندما أنشئت الجامعات الحديثة كانت‬

‫الاجتماعي؟ وكيف تتكون النظم الاجتماعية؟ وكيف‬             ‫جامعة فؤاد الأول التي أطلق عليها جامعة القاهرة‬

‫تبقى وتتغير؟ وكان الهدف من الترجمة تدريس‬                 ‫الآن عام ‪ ،1925‬وفي ذلك العام لم يكن في الوطن‬

‫هذا العلم الجديد للطلاب في الجامعات العربية‬              ‫العربي سوى ست جامعات أربع منها أجنبية‪ ،‬ودخلت‬

‫والمساهمة في حركة التنوير‪ ،‬وفي إطار ذلك انقسم‬            ‫مواد علم الاجتماع إلى قائمة المواد التي تدرس في‬

 ‫(‪ )2‬سعيد فرح وآخرون‪ ،‬كتابات اجتماعية معاصرة‪ ،‬مركز‬           ‫(‪ )1‬مصطفى عمر التير‪ ،‬حاضر ومستقبل علم الاجتماع‬
‫البحوث والدراسات الاجتماعية‪ ،‬كلية الآداب جامعة القاهرة‪،‬‬   ‫في الوطن العربي “ملاحظات عامة” مجلة إصفافات‪ ،‬العدد‬

                                         ‫‪ ،2003‬ص‪	.43‬‬                              ‫الخامس‪ ،‬يوليو ‪ ،2004‬ص‪	.112‬‬

‫(*) عقد مؤتمر‪ ،‬مستقبل العلوم الاجتماعية في الوطن العربي‪ ،‬الذي نظمه مركز دراسات الوحدة العربية في وهران بالجزائر‪ ،‬في‬
                                                                                       ‫الفترة من ‪ 22 – 20‬مارس ‪.2012‬‬

                                                         ‫‪45‬‬
   40   41   42   43   44   45   46   47   48   49   50