Page 53 - التنوير 6-8 2
P. 53

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا‬               ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

                                                                                ‫مجلــــــــــــــــة‬

                      ‫العقاد‪ ..‬و«هذه الشجرة»‬

      ‫دكتور حسين علي‬

‫أستاذ المنطق وفلسفة العلوم بآداب عين شمس‬

‫يكشف «العقاد» – في كتابه «هذه الشجرة» – عن عدائه الشديد للم أرة‪ ،‬وجاء هذا الكتاب بمثابة «بيان»‬
‫أو «إعلان» عن هذا العداء‪ ،‬فمنذ السطر الأول وحتى نهاية الكتاب يشن المؤلف هجوًما ضارًيا على الم أرة‪.‬‬
‫فهى في نظره لا تزيد عن كونها «حيوان بشعر طويل وفكر قصير»‪ ،‬هى حيوان لا خلاق لها‪ ،‬تحركها الفطرة‬
‫والغريزة‪ ،‬لا العقل والضمير‪ .‬إن ك ارهية «العقاد» للم أرة تفوق الوصف‪ .‬ولو أن هذه الك ارهية جاءت من رجل من‬
‫عامة الناس لهان الأمر إلى حد ما‪ .‬لو أننا استمعنا إلى خطيب أحد المساجد أو الزوايا في أحد نجوع أو كفور‬
‫مصر‪ ،‬يكيل الاتهامات للم أرة‪ ،‬ويحط من شأنها على هذا النحو الذي فعله «العقاد» لقلنا لأنفسنا‪ :‬لا بأس هذا‬

                                                                             ‫رجل نكرة غير مؤثر وجاهل‪.‬‬

‫الغش التذاًذا بالغش ذاته‪ ،‬وشحًذا للأسنان التي نبتت‬       ‫أما أن تأتي هذه الاتهامات وهذا السباب من‬
‫عليه؛ لأن الم أرة من هؤلاء تشتهي العظمة بجوع‬             ‫«عباس محمود العقاد» وهو من هو‪ ،‬فإن الأمر‬
‫عشرين ألف سنة‪ ،‬وتشتهي اللحم بجوع ساعات»‪.‬‬                 ‫يستأهل أن نقف عنده متأملين فاحصين وناقدين‬
‫(العقاد‪ ،‬هذه الشجرة‪ ،‬مكتبة نهضة مصر‪ ،‬القاهرة‪،‬‬            ‫أي ًضا‪ .‬إن «العقاد» ليس نكرة بين الناس‪ ،‬بل هو‬
                                                         ‫«الكاتب الإسلامي الكبير» صاحب القلم الحر‪ ،‬إنه‬
                              ‫‪ ، 2006‬ص‪.)11‬‬               ‫مؤلف «العبقريات» وصاحب كتاب «التفكير فريضة‬

‫إن الم أرة عند «العقاد» هى «أداة الشيطان» فهى‬                                                  ‫إسلامية»‪.‬‬
‫بصفة عامة «غبية»‪ ،‬ولكنها حين تشرع في ارتكاب‬
‫الشرور والخبائث‪ ،‬يمنحها الشيطان دماغه ودهاءه؛‬            ‫يظن كثيرون أن «العقاد» يزن كلماته بمي ازن‬
‫ولذلك يتفتق ذهنها عن عبقرية فذة وذكاء باهر‪،‬‬              ‫الذهب‪ ،‬وأن كتاباته تتصف بالدقة والإحكام‪ ،‬وأنه‬
‫وتأتي بالمعج ازت حين تُْقِدم على تنفيذ الخبيث من‬         ‫يكاد لا ينطق عن الهوى‪ .‬العقاد هذا ينظر إلى‬
‫الأعمال‪ .‬أما في حالاتها الاعتيادية التي تكون فيها‬        ‫الم أرة نظرة دونية‪ ،‬ينظر إليها لا بوصفها إنساًنا‪،‬‬
‫بعيدة عن الخبث والشر‪ ،‬فتجدها «غبية» عاجزة عن‬             ‫بل بوصفها حيواًنا لا يبرع في شيء قدر ب ارعته في‬
                                                         ‫إثارة غريزة الرجل‪ .‬فهو يقول ن ًّصا في روايته الوحيدة‬
  ‫فهم أبسط الأمور‪( .‬العقاد‪ ،‬هذه الشجرة‪ ،‬ص‪.)11‬‬            ‫«سارة»‪ ،‬ويعيد هنا في كتابه «هذه الشجرة» ما قاله‬
                                                         ‫هناك‪ ،‬بأن الم أرة غشاشة‪ ،‬و«أن الغش عند الم أرة‬
‫هكذا ُي ْصِدر «العقاد» أحكا ًما مطلقة‪ ،‬ويرسل‬             ‫كالعظمة عند فصائل الكلاب»‪ ،‬فكما يحرص الكلب‬
‫الكلام على عواهنه دون روية أو تدبر حين يتعلق‬             ‫على قضم العظمة مهما امتلأ جوفه باللحم‪ ،‬كذلك‬
‫الأمر بالم أرة‪ .‬يشعر المرء من كلام «العقاد»‪ ،‬في هذا‬      ‫الم أرة تخاف وتحتال وت اروغ وت ارئي وتلعب بمواطن‬
‫الموضع وغيره من مواضع الكتاب‪ ،‬إنه لا يتحدث‬               ‫الضعف في الرجال؛ حتى إن بعض النساء ينشدن‬
‫عن الم أرة بألف لام التعريف‪ ،‬لا يتحدث عن الم أرة‬

                                                     ‫‪53‬‬
   48   49   50   51   52   53   54   55   56   57   58