Page 57 - التنوير 6-8 2
P. 57
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
ومع هذا ،ورغم كل شواهد التاريخ ،التي ورد في مجلــــــــــــــــة
القرآن الكريم بعضها (ملكة سبأ) ،فإن «العقاد» يرى
أن هذه النماذج كانت أقرب إلى الرجولة في م ازجها الفارق الأصيل في خصائص الجنسين»( .العقاد،
وكلامها ،وأن النزوع إلى التشبه بالرجال والتزيي هذه الشجرة ،ص.)11
بأزيائهم مشهود مضطرد في نساء التاريخ المشهو ارت
مثل أليصابات ملكة انجلت ار ،وكاترين قيصرة الروس، ولا يخفي «العقاد» سوء ظنه بالم أرة ،فيقول« :إذا
وكرستينا ملكة السويد ،فهن ينبغن في اقتدارهن على قيل أن الحمل قد جنى على الم أرة لأنه خصها بالألم
بعض أعمال الرجال بمقدار ما ينقصن فيهن من وجعل الإ اردة من نصيب الرجل ،فلا ينبغي أن ننسى
أن الحمل قد أتاح للم أرة ميزة فطرية لا تتاح لزوجها
صفات الأنوثة»( .العقاد ،هذه الشجرة ،ص.)80 على وجه اليقين .وهى ضمان نسلها بغير دخل ولا
ها هو العقاد على الحقيقة ،لا كما هو متصور في ارتياب .فكل من ولدت الم أرة فهو وليدها الذي يستحق
أذهان الكثيرين ،بوصفه كاتًبا ومفكًار إسلامًّيا كبيًار. عطفها وحنانها ،وليس ذلك شأن الآباء فيمن ينسب
إن هذا الأمر يقتضي منا م ارجعة أفكارنا وتصو ارتنا
عن كثير من الرموز السياسية والفكرية والدينية التي إليهم من الأبناء» (العقاد ،هذه الشجرة ،ص.)11
تزدحم بها رؤوسنا ،ونضفي عليها هالات من التبجيل سيطول بنا الحديث إذا أردنا عرض كل ما ورد على
والتقدير والتوقير ،وهى في حقيقة أمرها غير جديرة لسان «العقاد» من ذم للم أرة والحط من قدرها ،فهو
لم يدخر جهًدا في كيل الاتهامات للم أرة وتحقيرها ،إذ
بشيء من هذا. لم يترك صفة ذميمة إلا وألحقها بها ،ولم يدع صفة
محمودة إلا وحرمها منها ،حتى شواهد التاريخ التي
ذكرت مقدرة الم أرة على الحكم أنكرها «العقاد» ،أو
برر إنكاره لها بطريقة فجة ،إن التاريخ الإنساني حافل
بنماذج ارئعة من النساء اللاتي حكمن دولاً وممالك.
57