Page 91 - merit 46 oct 2022
P. 91
89 إبداع ومبدعون
شعر
السيد نجم
حكايات الأجداد
وتقديره شك في العدد لضخامته .عاد وتعلق الجد في الزنزانة الضيقة
في القضبان الحديدية الصدئة الباردة ،ثم صاح
بسؤاله ،فلا يرد السجان ،ومع تكرار السؤال، عبر الممر المعتم داخل عنبر الموتى ،أصحاب البزة
أسرع السجان الخطو إلى زنزانة جدي يسبه ويلعن الحمراء ،في انتظار تنفيذ حكم الإعدام ،يتبادلون
جد أجداده ،ثم تابع( :أنت السجين رقم عشرين). الدعاء والغناء وسب بعضهم البعض ،تعبي ًرا عن
فلما سمع السجين «طايع» ،قبل ظهر كفيه بصوت الإعجاب والمحبة ،حتى لجدي صاحب الصوت
عال ،وهو يردد كلمات الحمد والشكر لله ،ضحك
«عبد القوي» طوي ًل ،وكأنه لم يضحك من قبل، الأجش ،الذي لا يغني ﺇلا المواويل الحزينة.
أخبرني الخبيث جدي وهو السجين «طايع عبد
وقال( :أنت تظن أننا ننفذ الحكم باﻹعدام على الدايم» ،ما أدهشني عن تجربته داخل زنزانته
الترتيب ،وأنك ستعدم بعدهم كلهم؟!). المرمية في آخر الممر ،في انتظار تنفيذ حكم اﻹعدام.
منذ يومه الأول شغله السؤال ،يتمنى لو يعرف
ثم تابع بملل وهو يدير وجهه بعي ًدا( :يا نمرة ،ربما عدد مساجين العنبر قبله؟ ما إن يطل عليه السجان
يكون التنفيذ عليك قبلهم جمي ًعا). «عبد القوي» من خلال كوة الباب ،يسأله« :كم عدد
وعاود الخطو الواثق الثقيل على الأرض ،بينما انزلق المساجين قبلي؟».
«طايع» منسحبًا ببطء إلى أرضية الزنزانة الأسمنتية أمام إلحاحه المزعج؛ رد السجان بلا مبالاة( :مائة،
مائة زنزانة يا نمرة طايع) ثم يغرب عن حيز رؤية
الرطبة الخشنة .بدا من خلف القضبان كمن يغرق النمرة السجين ،بعد أن سبه وسب أجداده كعادته
بلا طوق نجاة.
في الرد!
بالرغم من فظاظة السجان وامتعاضه من أحاديث في الصباح التالي يعاود السجين سؤاله ،بحسبته
السجين ،شعر أنه افتقد مشاغبته وأسئلته
السخيفة! فلما زج الصول «عبد القوي» بأنفه